Al-Tāsiʿ min al-mashyakha al-Baghdādiyya li-Abī Ṭāhir al-Salafī
التاسع من المشيخة البغدادية لأبي طاهر السلفي
Publisher
مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم المجاني التابع لموقع الشبكة الإسلامية
Edition
الأولى
Publication Year
٢٠٠٤
Genres
٥٨ - كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجُرْجَانِيُّ الإِسْمَاعِيلِيُّ، يَذْكُرُ أَنَّهُ لَقِيَ هِلالَ بْنَ نَصْرِ بْنِ شَافِعٍ، مَوْلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي جَامِعِ الرَّصَافَةِ بِبَغْدَادَ شَيْخًا أَسْوَدَ كَبِيرَ السِّنِّ، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، فَقَالَ: اسْمِي هِلالُ بْنُ نَصْرِ بْنِ شَافِعٍ، مَوْلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَخَادِمِهِ، أَخْدِمُهُ طُولَ دَهْرِهِ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ سِنِّهِ، فَذَكَرَ أَنَّ سِنَّهُ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ مَا كَانَ مِنْ مِحْنَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ﵁، وَمَا رُفِعَ إِلَيْهِ، وَمَا نُوظِرَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ خَالِدٌ الْحَدَّادُ وَهُوَ فِي حَبْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ضُرِبْتُ ثَلاثَةَ آلافِ سَوْطٍ فِي الْعِيَارَةِ، فَلَمْ أُقِرَّ، وَأَنْتَ رَجُلٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ حُبِسْتَ مِنْ أَجْلِ الدِّينِ، فَإِنْ طَاوَعْتَ الْقَوْمَ وَأَقْرَرْتَ لَهُمْ وَقُلْتَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، افْتُتِنَ النَّاسُ وَمَاجُوا، فَقُلُوبُهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِكَ، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا خَرَجْتُ مِنَ الْحَرْبِيَّةِ حَتَّى تَحَنَّطْتُ لِلْمَوْتِ، وَلَوْ قُطِّعْتُ إِرْبًا إِرْبًا مَا قُلْتُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ.
قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ لِيُضْرَبَ، فَضُرِبَ سَبْعَةَ عَشَرَ سَوْطًا، ثُمَّ أُرْسِلَ، فَتَعَرَّضَ لَهُ خَالِدٌ وَسَكَّنَ مِنْهُ، وَطَيَّبَ بِقَلْبِهِ، ثُمَّ قَالَ هِلالٌ: رَأَيْتُ بَابًا مِنْ حَدِيدٍ قَدْ أُحْمِيَ عَلَيْهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالأَحَدَ، وَجِيءَ بِخَالِدٍ الْحَدَّادِ، وَعَافِيَةَ الْبَاقِلانِيِّ لِيَمْشِيَا عَلَيْهِ، فَمَشِيَا فَلَمَّا صَارَا عَلَى الْبَابِ انْحَلَّ مِئْزَرُ عَافِيَةَ الْبَاقِلانِيِّ فَقَبَضَ عَلَى يَدِ خَالِدٍ، وَقَالَ: انْظُرْ حَتَّى تُؤْزَرَ، وَتُرِيَكَ الجِلْدَ.
فَسَأَلْتُهُ أَنَا عَنْ تَفْسِيرِ مَا قَالَهُ عَافِيَةُ، فَقَالَ هِلالٌ: هَذِهِ لُغَةٌ لَهُمْ لَيُحَرِّفُونَهَا، أَرَادَ بِهَا تَجَلُّدَهُمْ وَاقْتِدَارَهُمْ وَشَهَامَتَهُمْ، وَسَقَطَا وَمَاتَا وَقُبِرَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، قُلْتُ لَهُ: مَنْ خَالِدٌ وَعَافِيَةُ هَذَيْنِ؟ قَالَ: هُمَا مِنَ الْفِتْيَانِ، قَالَ هِلالٌ: وَرَأَيْتُ مَوْلايَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَكَانَ يَخْضِبُ بِالْحُمْرَةِ، وَكَانَ يَعْتَمُّ بِعَمَامَةٍ طَائِفِيَّةٍ عَدَوْلِيٍّ.
ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ عُمُرَ أَبِيهِ، فَقَالَ: مَاتَ وَسِنُّهُ مِائَةٌ وَإِحْدَى وَثَمَانُونَ، وَكَانَ خَدَمَ السَّفَّاحِ.
وَسَأَلْتُهُ عَنْ وِلادَتِهِ، فَقَالَ: فِي سَنَةِ مِائَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ، وَسَأَلْتُهُ عَنِ اسْمِ جَدِّهِ فَقَالَ: كَانَ اسْمَهُ شَافِعٌ صَاحِبُ مِطْرَدِ النَّبِيِّ ﷺ وَلِوَائِهِ، وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ: وَجَدْتُ فِي بَعْضِ مَا مَرَّ بِي أَنَّ خَالِدًا الْحَدَّادَ كَتَبَ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ يَعِظُهُ بِهِمَا فِي أَيَّامِ مِحْنَتِهِ:
رَيْبُ الزَّمَانِ كَمَا تَرَى يَا أَحْمَدُ ... فَإِذَا جَزَعْتَ مِنَ الأُسُودِ فَمَنْ لَهَا
الصَّبْرُ يَقْطَعُ مَا تَرَى فَاصْبِرْ لَهَا ... فَلَعَلَّهَا أَنْ تَنْجَلِي وَلَعَلَّهَا
فَأَجَابَهُ أَحْمَدُ:
صَبَّرْتَنِي وَوَعَظْتَنِي فَأَنَا لَهَا ... وَسَتَنْجَلِي مَا لا أَقُولُ لَعَلَّهَا
إِنَّ الَّذِي عَقَدَ الَّذِي انْعَقَدَتْ بِهِ ... عُقَدُ الْمَكَارِهِ فِيكَ يَحْسُنُ حَلُّهَا
1 / 102