Al-Kifāya fī al-tafsīr biʾl-maʾthūr waʾl-dirāya
الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
Publisher
دار القلم
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
والاستفهام في قوله تعالى ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ﴾، للتقرير؛ "والمعنى: قلت لكم، كقوله تعالى: ﴿ألم نشرح لك صدرك﴾ [الشرح: ١]: والمعنى: قد شرحنا لك صدرك" (١).
وقوله تعالى: ﴿أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [البقرة: ٣٣]، دليل على كذب مقالة كلّ من ادعى شيئًا من علوم الغيب من الحُزاة والكهنة والعافَةِ والمنجِّمة، وأن أحدا لا يعلم من الغيب إلا ما أعلمه الله كالأنبياء أو من أعلمه من أعلمه الله تعالى (٢).
وقال بعض أهل العلم بأن غيب السماوات والأرض، نوعان (٣):
أحدهما غيب نسبي: وهو ما غاب عن بعض الخلق دون بعض.
والثاني: غيب عام: وهو ما غاب عن الخلق عمومًا.
قوله تعالى: ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾ [البقرة: ٣٣]، أي: وأعلم "ما تظهرون" (٤).
قال ابن عباس: " ﴿وأعلم ما تبدون﴾، يقول: ما تظهرون" (٥).
قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: ٣٣]، أي وما كنتم"تخفون في أنفسكم" (٦).
قال ابن كثير: " يقول: أعلم السر كما أعلم العلانية، يعني: ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والاغترار" (٧).
وذكروا في تفسير قوله تعالى: ﴿ومَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ [البقرة: ٣٣]، وجهين (٨):
أحدهما: ما أسرَّه إبليس من الكبر والعصيان في نفسه، وهذا قول ابن عباس (٩)، وابن مسعود (١٠)، وسعيد بن جبير (١١)، وسفيان (١٢)، والضحاك (١٣)، وروي عن عبدالله بن بريدة (١٤) نحو ذلك.
قال ابن عطية: " ويتوجه قوله ﴿تَكْتُمُونَ﴾، للجماعة والكاتم واحد في هذا القول على تجوز العرب واتساعها، كما يقال لقوم قد جنى سفيه منهم: أنتم فعلتم كذا، أي منكم فاعله، وهذا مع قصد تعنيف، ومنه قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [الحجرات: ٤] وإنما ناداه منهم عيينة، وقيل الأقرع" (١٥).
والثاني: أن الذي كتموه: ما أضمروه في أنفسهم أن الله تعالى لا يخلق خلقًا إلاَّ كانوا أكرمَ عليه منه، وهو قول الحسن البصري (١٦)، وقتادة (١٧)، وأبي العالية (١٨)، والربيع بن أنس (١٩).
والراجح-والله أعلم- هو ما قاله ابن عباس، أي: الذي كانوا يكتمونه، ما كان منطويًا عليه إبليس من الخلاف على الله في أمره، والتكبُّر عن طاعته. واختاره الطبري (٢٠).
(١) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٢٣.
(٢) انظر: تفسير الطبري: ١/ ٤٩٤، وتفسير القرطبي: ١/ ٢٩٠.
(٣) أنظر: تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٢٣.
(٤) تفسير ابن كثير: ١/ ٢٢٨.
(٥) أخرجه الطبري (٦٧٨): ص ١/ ٤٩٨.
(٦) تفسير الثعلبي: ١/ ١٧٩.
(٧) تفسير ابن كثير: ١/ ٢٢٨.
(٨) أنظر: النكت والعيون: ١/ ١٠٠.
(٩) أنظر: تفسير الطبري (٦٧٨): ص ١/ ٤٩٨.
(١٠) أنظر: تفسير الطبري (٦٧٩): ص ١/ ٤٩٨.
(١١) أنظر: تفسير الطبري (٦٨٠): ص ١/ ٤٩٨.
(١٢) أنظر: تفسير الطبري (٦٨١): ص ١/ ٤٩٩.
(١٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٥٤): ص ١/ ٨٢.
(١٤) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٥٥): ص ١/ ٨٣.
(١٥) المحرر الوجيز: ١/ ١٢٣.
(١٦) أخرجه الطبري (٦٨٢): ص ١/ ٤٩٩.
(١٧) أخرجه الطبري (٦٨٣): ص ١/ ٤٩٩.
(١٨) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٥٦): ص ١/ ٨٣.
(١٩) أخرجه الطبري (٦٨٤): ص ١/ ٤٩٩ - ٥٠٠، وتفسير ابن أبي حاتم (٣٥٧): ص ١/ ٨٣.
(٢٠) أنظر: تفسيره: ١/ ٥٠٠.
2 / 180