338

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

قال الثعلبي: "ومنه يقال: فلان يمرض في الوعد، إذا لم يصحّحه" (١).
و" المرض الذي وصَف الله جل ثناؤه أنه في قلوب المنافقين، هو الشكُّ في اعتقادات قلوبهم وأديانهم، وما هم عليه - في أمر محمد رسول الله ﷺ، وأمر نبوته وما جاء به - مقيمون" (٢).
وأصل المرَض: السَّقم، ثم يقال ذلك في الأجساد والأديان. فأخبر الله جلّ ثناؤه أن في قلوب المنافقين مَرَضًا، وإنما عنى ﵎ بخبره عن مرض قلوبهم، الخبرَ عن مرض ما في قلوبهم من الاعتقاد ولكن لمّا كان معلومًا بالخبَر عن مرض القلب، أنَّه معنىٌّ به مرضُ ما هم معتقدُوه من الاعتقاد - استغنى بالخبَر عن القلب بذلك والكفاية عن تصريح الخبَر عن ضمائرهم واعتقاداتهم كما قال عُمر بن لَجَأ (٣):
وَسَبَّحَتِ الْمَدِينَةُ، لا تَلُمْهَا، ... رَأَتْ قَمَرًا بِسُوقِهِمُ نَهَارَا
يريد: وسبَّح أهل المدينة، فاستغنى بمعرفة السامعين خَبَرَه بالخبَرِ عن المدينة، عن الخبر عن أهلها. ومثله قول عنترة العبسي (٤):
هَلا سَأَلتِ الْخَيْلَ يَا ابْنَةَ مَالِكٍ ... إنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي
يريد: هلا سألتِ أصحاب الخيل؟ (٥)
وقول مهلهل بن ربيعة (٦):
أُبئتُ أنّ النارَ بعدكَ أُوقدتْ ... واستبّ بعدكَ يا كُليبُ المجلسُ
يعني أهل المجلس.
واختلف في قوله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ [البقرة: ١٠]، على وجوه:
أحدها: المرض: الزنا. قاله عكرمة (٧) وروي عن طاوس مثل ذلك (٨).
الثاني: أنه: النفاق. قاله ابن عباس (٩).
الثالث: أنه: الشكّ. قاله أبو العالية (١٠)، وابن عباس (١١)، وكذا روي عن مجاهد، والحسن، وعكرمة، والربيع بن أنس، والسدي، وقتادة (١٢).
قوله تعالى: ﴿فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا﴾ [البقرة: ١٠]، أي ": فزادهم الله رجسًا فوق رجسهم، وضلالًا فوق ضلالهم" (١٣).
قال الثعلبي: أي: " شكّا ونفاقا وهلاكا" (١٤).
وذكر السادة أهل التفسير في قوله تعالى: ﴿فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا﴾ [البقرة: ١٠]، وجوها:
أحدها: ﴿﴿فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا﴾: "أي: شكّا". قاله ابن عباس (١٥)، وري عن أبي العالية مثل ذلك (١٦).
والثاني: أن: " المرض مرضان: مرض زنا، ومرض نفاق"قاله زيد بن علي (١٧)، وري عن عكرمة مثل ذلك (١٨).

(١) تفسير الثعلبي: ١/ ١٥٤.
(٢) تفسير الطبري: ١/ ٢٨١.
(٣) البيت من شواهد الطبري في تفسيره: ١/ ٢٧٩.
(٤) في معلقته المشهورة، أنظر: شرح المعلقات للنحاس: ٢/ ٣٠، وديوانه: ٢٥.
(٥) أنظر: تفسير الطبري: ١/ ٢٧٨ - ٢٧٩.
(٦) ديوانه: ٢٨٠، وانظر: أمالي ابن الشجري: ١/ ٥٢، وتفسير القرطبي: ١/ ٣٢، و٢٣٩.
(٧) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٠٩): ص ١/ ٤٣.
(٨) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١١٠): ص ١/ ٤٣.
(٩) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١١١): ص ١/ ٤٣.
(١٠) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١١٣): ص ١/ ٤٣.
(١١) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١١٢): ص ١/ ٤٣.
(١٢) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم ١/ ٤٣.
(١٣) صفوة التفاسير: ١/ ٢٩.
(١٤) تفسير الثعلبي: ١/ ١٥٤.
(١٥) أخرجه ابن أبي حاتم: (١١٤): ص ١/ ٤٣ - ٤٤.
(١٦) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١١٥): ص ١/ ٤٤.
(١٧) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١١٦): ص ١/ ٤٤.
(١٨) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١١٧): ص ١/ ٤٤.

2 / 73