255

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية

Publisher

دار القلم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

والرابع: (الزراط)، قراءة حمزة برواية الأصمعي عن أبي عمرو. والخامس: (السراط)، بالسين، قرأ بها ابن كثير برواية القواس، الكسائي، ابو عمرو، قنبل، ابن مجاهد، ويعقوب، رويس اللؤلوي، وابن محيصن. و(السراط): "من الاتراط بمعنى الابتلاع، كأن الطريق يسترط من يسلكه (١). والسادس: (صراطًا مستقيمًا)، بالتنوين من غير لام التعريف، قرأ بها نصر بن علي عن الحسن. قال الثعلبي: " وكلّها لغات فصيحة صحيحة، إلّا إن الاختيار: (الصاد)، لموافقة المصحف لأنها كتبت في جميع المصاحف بالصاد. ولأن آخرتها بالطاء لأنهما موافقتان في الاطباق والاستعلاء" (٢). قال الفراء: "اللغة الجيدة بالصاد، وهي لغة قريش الأول، وعامة العرب يجعلونها سينا، وبعض قيس يشمون الصاد، فيقول: (الصراط) بين الصاد والسين، وكان حمزة يقرأ (الزراط) بالزاي، وهي لغة لعذرة وكلب وبني القيْن" (٣). الفوائد: ١ - من فوائد الآية: لجوء الإنسان إلى الله ﷿ بعد استعانته به على العبادة أن يهديه الصراط المستقيم؛ لأنه لا بد في العبادة من إخلاص؛ يدل عليه قوله تعالى: ﴿إياك نعبد﴾؛ ومن استعانة يتقوى بها على العبادة؛ يدل عليه قوله تعالى: ﴿وإياك نستعين﴾؛ ومن اتباع للشريعة؛ يدل عليه قوله تعالى: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾؛ لأن ﴿الصراط المستقيم﴾ هو الشريعة التي جاء بها الرسول ﷺ. ٢ - ومن فوائد الآية: بلاغة القرآن، حيث حذف حرف الجر من ﴿اهدنا﴾؛ والفائدة من ذلك: لأجل أن تتضمن طلب الهداية: التي هي هداية العلم، وهداية التوفيق؛ لأن الهداية تنقسم إلى قسمين: هداية علم، وإرشاد؛ وهداية توفيق، وعمل؛ فالأولى ليس فيها إلا مجرد الدلالة؛ والله ﷿ قد هدى بهذا المعنى جميع الناس، كما في قوله تعالى: ﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدًى للناس﴾ [البقرة: ١٨٥]؛ والثانية فيها التوفيق للهدى، واتباع الشريعة، كما في قوله تعالى: ﴿ذلك الكتاب لا ريب فيه هدًى للمتقين﴾ [البقرة: ٢] وهذه قد يحرمها بعض الناس، كما قال تعالى: ﴿وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى﴾ [فصلت: ١٧]: ﴿فهديناهم﴾ أي بيّنّا لهم الحق، ودَلَلْناهم عليه؛ ولكنهم لم يوفقوا .. ٣ - ومن فوائد الآية: أن الصراط ينقسم إلى قسمين: مستقيم، ومعوج؛ فما كان موافقًا للحق فهو مستقيم، كما قال الله تعالى: ﴿وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه﴾ [الأنعام: ١٥٣]؛ وما كان مخالفًا له فهو معوج. القرآن ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)﴾ [الفاتحة: ٧] التفسير:

(١) تفسير القرطبي: ١/ ١٤٧ - ١٤٨. (٢) تفسير الثعلبي: ١/ ١١٩. (٣) حكاه عنه ابن الجوزي: ١/ ٢٠، وقال بمعناه في (كتاب فيه لغات القرآن): " و«الصراط» فيه لغات أربع: فاللغة الجيدة لغة قريش الأولى التي جاء بها الكتاب؛ بالصاد، وعامة العرب يجعلونها سينا، فيقولون: السراط، بالسين". [كتاب فيه لغات القرآن، للفراء: ١٠]. نسخة مكتبة الشاملة، والكتاب غير مطبوع. ونسبه أبو حيان: ١/ ٤٥، لأبي جعفر الطوسي، وكذا الهرري في الحدائق: ١/ ٧٥.

1 / 262