158

الإمامة العظمى - الريس

الإمامة العظمى - الريس

Publisher

(دار البرازي - سوريا)

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٧ هـ

Publisher Location

(دار الإمام مسلم - المدينة المنورة)

Genres

وبهذا يتبين أنَّ أبا حنيفة كان يرى هذا الرأي لكن لا ممسكَ في كلامه من وجهين:
الوجه الأول: أنَّ أبا حنيفة رجع عن هذا القول كما في كتاب الفقه الأكبر.
فقد جاء فيه: «قلت لأبي حنيفة: فما تقول فيمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فيتبعهُ على ذلك ناس، فيخرج على الجماعة هل ترى ذلك؟ قال: لا، قلت: ولم وقد أمرَ الله تعالى ورسولهُ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا فريضة واجبة؟، فقال: هو كذلك، لكن ما يفسدونَ من ذلك أكثر مما يصلحون من سفك الدماء، واستحلالِ المحارم، وانتهاب الأموال، وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الحجرات: ٩]، قلت: فنقاتلُ الفئة الباغية بالسيف؟ قال: نعم؛ تأمر وتنهى، فإن قَبل وإلَّا قاتلتَهُ، فتكون مع الفئة العادلة، وإنْ كان الإمام جائرًا لقول النبي ﵊: «لا يضرُّكم جَورُ من جار، ولا عَدلُ منَ عدلَ، لكُم أجرُكُم وعليه وِزرُه» (^١).
ومما يدلُّ على تراجُعهِ أنَّ الطَّحاوي في عقيدته المشهورة نَسبَ لأبي حنيفة وصاحبَيه عدمَ جوازِ الخروج على الحاكم الفاسق.
الوجه الثاني: أنه لو استقر عليه لكان خطأً أنكَرهُ عليه سلفُ هذه الأمة، فلا يصحُّ الاستدلال بخطأ العالم وزلَّته. وهذا مثلُ خطئه في مسألة الإيمان لمَّا أخرجَ العمل منه.

(^١) الفقه الأكبر (ص: ١٠٨).

1 / 166