Ali Mudia
الجزء الأول
Genres
فقال لي: ليس عليك لابد من الفرقة في هذه الدنيا فإذا أنا مت فلا تسلمني إلى أحد من المشركين وافعل بي كما فعلت بصاحبي، ثم خذ الطريق إلى (الشام) حتى تقدم إلى بلد،يقال لها: الإسكندرية خارج المدينة صومعة فيها أخ لنا ثالث أقرع عليه الباب، وأقره مني السلام ومن أخيه واقم عنده ما شاء الله حتى يحكم الله فيك وفيه بما يريد، فلما أن توفي الراهب أخذت في مصالحه [كما أوصاني](1)، ثم أخذت الطريق إلى بلد الشام فوقعت في قبائل العرب فكانوا يقولون إذا سمعوني أقول: لا إله إلا الله عيسى روح الله، محمد رسول الله -صلى الله عليهما- ضحكوا [وهم](2) يقولون: ألربك روح يا خراساني؟ حتى دخلت البلد فإذا أنا بصومعة فتقدمت إليها وقرعت الباب فأشرف إلي الراهب وأقرأته من إخوته السلام، وأحسنت له العزاء فيهما، فقال: الحمد لله الذي خرجت نفوسهما وهما يصليان على عيسى ويثنيان بمحمد -صلى الله عليهما-، أدخل يرحمك الله فدخلت إليه وكنت أصلي معه كما يصلي وأقرأ معه الدفاتر وأقمت معه ثمانين سنة فذلك أربعون ومائتا سنة، فلما كان ذات يوم وأنا جالس بين يديه قال لي: آجرك الله يا روزنة.
قلت له: فيمن.
قال: في.
فقلت له: هذه والله المصيبة الجليلة.
قلت: فعلى من تخلفني بعدك إذا توفيت.
قال لي: والله ما أدري على من أخلفك، فوالله ما أعلم أحدا في المشرق و [لا في](3) المغرب يذكر الله تعالى ويذكر هذين النبيين صلى الله عليهما غيري وغيرك، إلا أني أخلفك على رب كريم، إلا إنا قد وجدنا في الدفاتر عن عيسى بن مريم صلى الله عليه أن هذا الوقت يبعث الله نبيك محمدا صلى الله عليه ولا شك إلا إنه قد بعث فطوباك إن رأيته أو لحقته.
فقلت له: وأين بلده؟ فأشار إلى ميمنة القبلة وهي الحجاز.
فقلت له: أخاف أن آراه فلا أعرفه فصفه لي.
Page 49