Al-juzʾ al-awwal
الجزء الأول
Genres
قلنا: إذا ثبتت له الأفضلية عليه السلام على سائر الصحابة فالعقل يقضي بإمامة الفاضل على المفضول، ولا يقضي بإمامة المفضول على الفاضل، وكذلك الشرع، قال الله تعالى: {أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون}[يونس:35]، وإذا كان هذا من مثل ابن أبي الحديد: وهو العالم النحرير، وهو من أهل المحبة الأكيدة لعلي عليه السلام، والمفضل له على من عداه من الصحابة، وذكر أن تصفح الأحوال يبطل ذلك الظن ميلا إلى أصحابه المعتزلة، فما ظنك بمن سواه، ولكن لشدة انحرافهم عنه عليه السلام خرقوا الأدلة على إمامته عليه السلام عن معناها، وأخرجوها عن موضوعها، وتعسفوا في تأويلها، حتى قالوا: أن حروبه عليه السلام في صفين، والنهروان، ويوم الجمل كانت خطأ لأنهم من أهل القبلة والصلاة، وبعضهم خطأه في البعض منها، وبعضهم توقف في حكمه وحكمهم جميعا حتى قال عمرو بن عبيد(1): لو شهد عندي علي، وطلحة، وعائشة لم أحكم بشهادتهم،وقال واصل بن عطاء: لوشهد عندي علي وطلحة وعائشة في ناقة بقل لم أحكم بشهادتهم، ومن العجب من علماء السوء المتسمين بأهل السنة أنهم يسمون من أحب عليا عليه السلام وقدمه في الإمامة، وفضله على غيره من الصحابة بل من أبغض معاوية وحزبه بالرافضة، والرفض عندهم: إسم عظيم الذي لا يبلغه كفر ولا فسق إلا اسم المرتد فإنه ربما يوازيه، وقد أشار إلى ذلك بعض الشيعة حيث قال:
لما اعتقدت بأن حبكم
عكسوا وكان العكس دأبهم
لمحمد عندي وعترته
أحبهم وأحب شانئهم
ما حبهم إلا ببغضهم ... آل النبي محمد فرض
جهلا وقالوا دينه رفض
صدق الولاء ولغيره البغض
هذا لعمر أبيكم نقض
Page 367