247

وسببها أن جمعا من (بلي) و(قضاعة) تجمعوا ليدنوا من أطراف (المدينة) فعقد صلى الله عليه وآله وسلم لعمرو بن العاص لوآء أبيض، وجعل معه رأية سوداء، وبعثه في جمادى الآخرة سنة ثماني على ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار، وأمره أن يستعين بمن مر به من (يلي) و(عذرة) و(بلقين)، وذلك أن عمرا كان ذا رحم فيهم، كانت أم العاصي بن وائل بلوية، فأراد صلى الله عليه وآله وسلم أن يتألفهم بعمرو بن العاص، فسار يكمن النهار ويسير الليل، ثم بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستمده فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح، وبعث معه سراة المهاجرين كأبي بكر، وعمر، وعدة من الأنصار في مائتين، وأمره أن يكونا جميعا ويسيرا جميعا ولا يختلفا، فسارا حتى بلغا أقصى بلاد (بلي) (1) ولقيا في آخر ذلك جمعا فقاتلوهم فانهزموا، وأقاموا أياما يبثون السرايا تعود بالشاء والنعم، ولم يكن أكثر من ذلك، هكذا حكاه ابن بهران.

وقال الحجوري في (الروضة): ثم سرية عمرو بن العاص في جمادى الآخرة من سنة ثماني إلى ذات السلاسل وراء وادي القرى بينها وبين المدينة عشرة أيام فلقيته جموع (الروم) ومنتصرة العرب، فاستمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأمده بسرية فيهم أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة بن الجراح.

قال: قال أبو العباس الحسني: كان أمير السرية الثانية علي بن أبي طالب، وكان الفتح على يديه، وقتل منهم مائة وعشرين رجلا، وقتل رئيسهم الحرث بن بشر، انتهى.

قال المسعودي: وكان لعمرو بن العاص في هذه السرية قضية أنكرت عليه في الوقت، منها: صلاته بالناس جنبا، ومنعه إيقاد النار، مع حاجتهم إليها لشدة القر وشدة الجراح وغير ذلك، وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأجازه لما ذكر فيه المصلحة للجيش، انتهى بلفظه.

Page 250