192

فراق غير وامق وقد عهد صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرماة أن لا يبرحوا من مكانهم ليحموا ظهور المسلمين بالنبل، وشد المسلمون على كتائب المشركين، فجعلوا يضربونهم حتى ولوا منهزمين ولا يلوون على شيء، وجعلوا ينتهبون عسكرهم، فلما رأى الرماة ذلك انطلقوا للغنيمة، وأخلوا بالمركز(1)، فحالت خيل المشركين من ورآء المسلمين فوضعوا السلاح فيهم، فاستشهد منهم من استشهد، وتفرقوا في كل وجه، وثبت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حماة الحقائق من المهاجرين والأنصار، وقصد ابن قميئة لعنه الله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليقتله، فاعترض دونه مصعب بن عمير (رضي الله عنه)، فقتله ابن قميئة، وأصيبت عين قتادة بن النعمان حتى وقعت على وجنتيه، فردها رسول الله -صلى اله عليه- فعادت كما كانت، وقاتل صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه أشد القتال حتى كسرت رباعيته، وشجت وجنته، فغابت فيها حلق المغفر، وضربه ابن قميئة لعنه الله على عاتقه فوقع إلى حفرة وعليه درعان، فأخذ علي عليه السلام بيده ورفعه طلحة من خلفه حتى استوى، وجعل الدم يسيل حتى اخضل لحيته، وهو يقول صلى الله عليه وآله وسلم: ((كيف يفلح قوم فعلواهذا بنبيهم(2) وهو يدعوهم إلى الله))، ونزع أبو عبيدة حلقتين من وجنته صلى الله عليه وآله وسلم بثينة فوقعا وسقط على ظهره، وكان علي عليه السلام هو المفرج للغمة، والكاشف للكربه، والمجدل لصناديد المشركين، والمعفر جباه المفسدين.

Page 194