137

بعثته صلى الله عليه وآله

فلما بلغ أربعين سنة اختصه الله بكرامته، فأتاه جبريل وهو في غار (حراء) جبل ب(مكة)، وأقام ب(مكة) بعد النبوة ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمسة عشر سنة، وقيل: عشر، والأول أصح، وكانت قبلته الكعبة، وفي كتاب (الخمس): روي أن النبي صلى الله عليه وآله،كان يصلي بمكة إلى الكعبة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، فلما عرج به إلى السماء أمرنا(1) بالصلوات الخمس فصارت ركعتين في الأوقات غير المغرب للمسافر والمقيم، وبعد ما هاجر إلى (المدينة) زيد في صلاة الحضر(2) وأمر أن يصلى نحو (بيت المقدس) قال: كذا عن ابن عباس، وفي (الكشاف)، و(أنوار التنزيل) نحوه، وقيل: كانت قبلته (بيت المقدس) [ولا يستدبر الكعبة بل يجعلها بين يديه فلما هاجر استحال عليه دون ذلك فاستقبل بيت المقدس](3) واستمر عليها بعد هجرته سبعة عشر شهرا ثم حولت إلى الكعبة في صلاة الظهر من يوم الثلاثاء للنصف من شعبان فاستدار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو راكع واستدارت الصفوف خلفه، فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين، وقيل: إن ذلك بعد افتراض صوم شهر رمضان بثلاثة عشر يوما.

الهجرة الصغرى وحصار قريش له صلى الله عليه وآله

وكان حصار قريش له صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شعب أبي طالب، وله تسع سنين وثمانية أشهر وثمانية عشر يوما، ومدة الحصار ثلاث سنين حتى أكلوا القد والجلد، وفي الشعب أطعم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القوم مالا يشبع أحدهم، وسقاهم جميعا مالا يروي أحدهم، فشبعوا والطعام باق، ثم دعاهم إلى دين الله، فقال أبو لهب: لشد ما سحركم ابن أبي كبشة.

قال في (السفينة) وعن الباقر: لما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الشعب، فكان إذا عرف مكانه أتاه أبو طالب فأنامه حيث لا يعرف، ويأمر عليا فيضطجع على فراشه، فقال يوما علي: إني لمقتول، فأنشأ أبو طالب يقول:

Page 135