الحذر من السحر
الحذر من السحر
Publisher
مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان
Publisher Location
الرياض
Genres
الملَكين جبريل وميكائيل، ولكنّ الشياطين - هاروت وماروت - كفروا يعلمون الناس السحر ببابل.
أما الإمام الطبري ﵀، فقال: - بعد أن ذكر احتمال كون (ما) نافية أو موصولة، وجواز كونها محتملة للأمرين، واستدل لكل وجه من هذه الأوجه الثلاثة - قال: [والصواب من القول في ذلك عندي، قولُ من وجَّه (ما) التي في قوله تعالى: ﴿وما أنزل على الملكين﴾ إلى أنها موصولة بمعنى «الذي»، دون معنى (ما) التي هي بمعنى الجَحْد] (١) . فيكون المعنى على ذلك: واتبع اليهود ما تقولته الشياطين في عهد سليمان، من سحر زعموا افتراءً أنه سبب مُلكه، وكذلك اتبعوا الذي تعلموه مما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت.
وأما الإمام ابن كثير ﵀، فبعد أن نسب القولين السابقين كلًا إلى قائله، وساق الأحاديث التي أوردها، كل منهما، وكذلك الآثار في ذلك عن الصحابة والتابعين ﵃ أجمعين، لم يصرّح ﵀ بعد ذلك بترجيح كون (ما) نافية فينتفي بذلك إنزال السحر عليهما، أو موصولة، فيثبت ذلك لهما (٢) !! إلا أنه ﵀ ذكر بعدها ما يُشعر باختياره كون (ما) نافية، حيث قال: [وادّعى - أي الإمام الطبري - أن هاروت وماروت مَلَكان أنزلهما الله إلى الأرض، وأَذِن لهما في تعليم السحر اختبارًا لعباده وامتحانًا، بعد أن بيّن لعباده أن ذلك مما يَنهى عنه على ألسنة الرسل _ت، وادعى أن هاروت وماروت مطيعان في تعلّم ذلك، لأنهما امتثلا ما أُمِرا به. وهذا الذي سلكه - أي الإمام الطبري - غريب جدًا ...] (٣)، ثم إن ابن كثير ﵀، قد أشار إلى هذا الترجيح بتصريحه أن ما ذكر من تعليم هاروت وماروت الناس ما يفرقون به بين الأزواج، إنما هو من صنيع الشياطين،
(١) وقد علل الإمام ﵀ مطوَّلًا - لاختياره، انظر: تفسير الطبري (١/٤٩٩) . (٢) انظر: تفسير ابن كثير (١/١٣٩-١٤٨) . (٣) المرجع السابق (١/١٤٢) .
1 / 23