Alf Layla Wa Layla Fi Adab
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
Genres
ساهمت الترجمات الأدبية العديدة التي ظهرت في اللغة الإنجليزية لألف ليلة وليلة منذ أواخر القرن الثامن عشر، في إذكاء الأثر البالغ الذي تركته حكاياتها لدى معظم أدباء وكتاب إنجلترا طوال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. فنحن نرى من الكتاب الذي حرره وكتب مقدمته البروفيسور «كراكشيولو»، مدى تأثر هؤلاء الكتاب بقصص «الليالي العربية». وقد أصل الكتاب أثر ألف ليلة وليلة على الأدباء التالين: جوناثان سويف، جوزيف أديسون، ألكساندر بوب، لورانس ستيرن، توماس كارلايل، إدوارد جيبون، والتر سكوت، وردزورث، كولردج، روبرت سذي، تشارلز ديكنز، ويلكي كولنز، وليام ثاكري، روبرت لويس ستيفنسون، جورج ميريدث، جوزيف كونراد ، ه. ج. ويلز، هنري جيمس، وليام بتلر ييتس، جيمس جويس، ت. س. إليوت. فيا لها من كوكبة رائعة من الأسماء!
وبالطبع، يتراوح مدى الأثر الذي خلفته القصص العربية في نفوس هؤلاء الأدباء وإنتاجهم من واحد لآخر. فإذا تناولنا مجموعة من الكتاب الذين عاشوا في نفس الفترة ما بين أواخر القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، وهم ما يمكن أن نسميهم بالرومانسيين، لوجدنا أنهم جميعا قد تأثروا بحكايات ألف ليلة وليلة، وأشاروا إليها في كتاباتهم. بل إن من النقاد من قال إن الحركة الرومانسية أصلا قد تفجرت في إنجلترا نتيجة «اكتشاف» الكتاب والفنانين لحكايات ألف ليلة، التي أدخلت إلى وعيهم أنواعا من الخيال والمشاعر المتدفقة والأحاسيس العاطفية التي لم يجدوها من قبل فيما طالعوه من كتب ودراسات، وذلك بدءا من صدور طبعة من الليالي العربية الجديدة عام 1792م التي أثارت ذكريات شعراء البحيرة عن مطالعاتهم السابقة في قصص ألف ليلة وليلة. ولنأخذ هؤلاء الأدباء الرومانسيين في مجموعهم أولا. وتذكر الباحثة «ميريام ألموت» عن بعض أولئك الشعراء، أنهم أعادوا اكتشاف حكايات ألف ليلة وليلة نتيجة لصدور تلك الطبعات الجديدة منها، وترجمات لقصص شرقية وعربية، في نفس الفترة التي بدأ فيها تكوينهم الفكري والثقافي والأدبي، وتزامن مع أبدع نتاج قرائحهم. وقد أشاعت المقدمة التي كتبها «هنرى ويبر» لكتابه «حكايات من الشرق» الذي جمع فيه حكايات ألف ليلة وليلة وقصص عربية أخرى في صورة جذابة، وأصدره عام 1812م، في إشاعة اهتمام متجدد بتلك الحكايات. وهو يقول في تلك المقدمة: «من ذلك الذي لا تغمره البهجة إذ يتذكر العواطف والانفعالات التي صاحبت قراءته للمرة الأولى لحكايات ألف ليلة وليلة ... ومن السليم أن نؤكد أن حكايات خيالية مثل مصباح علاء الدين السحري، والمغارة التي أوى إليها الأربعون لصا، قد أسهمت في تسلية وإمتاع جميع الأجيال التي تعاقبت منذ ظهور تلك الحكايات لأول مرة، أكثر مما ساهمت به كل الأعمال التي قدمها الخيال الأوروبي من أجل تثقيف الشباب وإمتاعه. إن مثل هذا الرصيد من الخيال الأصيل والصور الفنية الباهرة والعناصر الغرائبية العجيبة التي تعرض العبر الأخلاقية بمهارة وليس بشكل متعنت مفتعل من الأمثال المفروضة، بل في صورة أمثولات سارة مقبولة، لا يمكن أن توجد في أي عمل آخر من أعمال الخيال.»
فمثلا، تمتلئ الخواطر التي كان يخطها كولردج، والخطابات التي تبادلها مع أصدقائه، بذكرياته عن ألف ليلة وليلة، التي يزعم أنه بدأ قراءتها وهو في السادسة من عمره، ويشير إلى حكاياتها وشخوصها كثيرا. فهو يقول في دفتر خواطره: «أعطني الأعمال التي ملأت شبابي بالبهجة والحبور، أعطني ... أعطنى «الليالي العربية.» وفي موضع آخر يقول عن ألف ليلة وليلة: «ولما كنت قد قرأت مجلدا من تلك الحكايات مرارا وتكرارا قبل عيد ميلادي الخامس، فلا بد أن يكون معروفا نوعية الخيالات والأحاسيس التي كانت تنتابني حينذاك. كان الكتاب، على ما أذكر، يقع في ركن من نافذة البهو في منزل والدي العزيز، ولا يمكن أن أنسى الشعور الذي هو مزيج من الرهبة والرغبة الجارفة الذي كنت أحس به كلما نظرت إلى المجلد وتأملته، إلى أن تغمر شمس النهار الغرفة وتغطيه بأشعتها؛ وعندئذ، وليس قبل ذلك، كنت أحس بالشجاعة لأن أمسك بالكنز الثمين وأهرع به إلى ركن مشمس في الفناء.» وكان كولردج يربط بين الحكايات الخيالية الخرافية، ومنها ألف ليلة وليلة، وبين القدرة على الحلم الذي يتجاوز الواقع الذي يعيشه الإنسان. وكان يعزو دهشة البعض من تقديره لليالي العربية إلى عدم قدرتهم على الحلم. وكل هذا لا يترك مجالا للشك في الدور الذي لعبته حكايات ألف ليلة وليلة، بما أثارته في نفسه من توهج وأحلام وأخيلة، في تشكيل نظرية «الخيال» لديه، والتفريق الذي وضعه بين الخيال
IMAGINATION
والتخيل
FANCY .
ويربط البروفيسور كراكشيولو بين قصيدة كولردج المشهورة «الملاح الهرم» وبين قصص السندباد البحري، بينما يقدم الباحث «ألان جرانت» تحليلا إضافيا لفكرة القدر والمصير والشر ومدى مسئولية الانسان عن أفعاله، ويربط بها ما بين مسئولية الملاح الهرم عن قتل طائر البطريق ومسئولية التاجر عن قتل ابن الجني المارد في القصة التي ترد في أوائل حكايات شهرزاد .
أما عن وردزورث، فإن قصيدته البيوجرافية «المقدمة» مليئة بالإشارات إلى ألف ليلة وليلة والأثر الذي خلفته في نفسه. هاك مثلا هذا الجزء الذي ورد في الكتاب الخامس منها:
وكان عندي آنذاك كنز ثمين؛
كتاب صغير مجلد بقماش أصفر اللون؛
Unknown page