146

الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة

الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة

Publisher

(بدون)

Genres

رَسُولَ اللهِ. ثُمَّ قَالَ: «أَلا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ ﷺ؟». فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ. ثُمَّ قَالَ: «أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ ﷺ؟» قَالَ: فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا وَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: «عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، - وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً - وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا». فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ، فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ» (^١). وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث ثوبان ﵁: أن رسول الله ﷺ قال: «مَنْ يَتَقَبَّلُ لِي بِوَاحِدَةٍ وَأَتَقَبَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ؟». قَالَ: قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «لَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا». قَالَ: فَرُبَّمَا سَقَطَ سَوْطُ ثَوْبَانَ وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ، فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا أَنْ يُنَاوِلَهُ حَتَّى يَنْزِلَ إِلَيْهِ فَيَاخُذَهُ (^٢). وكان الصحابة ﵃ يأخذون بهذا التوجيه النبوي الكريم، فلا يسألون الناس شيئًا من متاع الدنيا. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث حكيم بن حزام ﵁ قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَاكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»، قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى الْعَطَاءِ فَيَابَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ ﵁ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا. فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي

(^١) صحيح مسلم برقم (١٠٤٣). (^٢) مسند الإمام أحمد (٣٧/ ٦٧ - ٦٨) برقم (٢٢٣٨٥)، وقال محققوه: حديث صحيح.

1 / 167