الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة
الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة
Genres
أبا هريرة، فقال أبو هريرة:"والله يا أبا عبد الرحمن، ما كان يشغلني عن رسول الله ﷺ الصفق في الأسواق، ما كان يهمني من رسول الله ﷺ إلا كلمة يعلمنيها، أو لقمة يلقمنيها" (١).
فمن يتأمل صنيع أبي هريرة ﵁ يجد بوضوح اعتمادهم –أحيانًا-في صحة الراوية وتصحيحيها على اقرار الصحابة الكبار.
ومنه أيضًا ما أخرجه ابن سعد وغيره من حديث سالم أبي النضر، قال: لما كثر المسلمون في عهد عمر ضاق بهم المسجد فاشترى عمر ما حول المسجد من الدور إلا دار العباس بن عبد المطلب وحجر أمهات المؤمنين، فقال عمر للعباس: يا أبا الفضل إن مسجد المسلمين قد ضاق بهم وقد ابتعت ما حوله من المنازل نوسع به على المسلمين في مسجدهم إلا دارك وحجر أمهات المؤمنين، فأما حجر أمهات المؤمنين فلا سبيل إليها وأما دارك فبعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين أوسع بها في مسجدهم. فقال العباس: ما كنت لأفعل. قال فقال له عمر:"اختر مني إحدى ثلاث: إما أن تبيعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين، وإما أن أخططك حيث شئت من المدينة وأبنيها لك من بيت مال المسلمين، وإما أن تصدق بها على المسلمين فنوسع بها في مسجدهم" فقال: "لا، ولا واحدة منها"، فقال عمر: "اجعل بيني وبينك من شئت"، فقال: "أبي بن كعب"، فانطلقا إلى أبي، فقصا عليه القصة فقال أبي: " إن شئتما حدثتكما بحديث سمعته من النبي ﷺ "، فقالا: "حدثنا"، سمعت رسول الله ﷺ يقول: " إنّ الله أوحى إلى داود أن ابن لي بيتًا أذكر فيه». فخط له هذه الخطة، خطة بيت المقدس فإذا تربيعها بيت رجل من بني إسرائيل. فسأله داود أن يبيعه إياه، فأبى، فحدث داود نفسه أن يأخذ منه فأوحى الله إليه أنْ يا داود: أمرتك أنْ تبني لي بيتًا أُذكر فيه، فأردت أنْ تدخل في بيتي الغصب، وليس من شأني الغصب، وإنّ عقوبتك أنْ لا تبنيه. قال: يا رب فمن ولدي؟ قال: من ولدك". قال: فأخذ عمر بمجامع ثياب أبي بن كعب وقال: "جئتك بشيء فجئت بما هو أشد منه". لتخرجن مما قلت. فجاء يقوده حتى أدخله المسجد فأوقفه على حلقة من أصحاب رسول الله ﷺ فيهم أبو ذر فقال: "إني نشدت الله رجلا سمع رسول الله ﷺ يذكر حديث
بيت المقدس حين أمر الله داود أن يبنيه إلا ذكره". فقال أبو ذر: "أنا سمعته من رسول الله ﷺ ".وقال آخر: "أنا سمعته". وقال آخر: "أنا سمعته". يعني من رسول الله ﷺ قال: فأرسل عمر أبيًا، قال: وأقبل أُبي على عمر فقال: " يا عمر أتتهمني على حديث رسول الله ﷺ! "، فقال عمر: " يا أبا المنذر، لا والله ما أتهمتك عليه، ولكني كرهت أن يكون الحديث عن رسول الله ﷺ ظاهرًا". قال: وقال عمر للعباس: " إذهب فلا
(١) أخرجه أحمد، المسند ٢/ ٣٨٧.
1 / 25