الأسئلة والأجوبة الفقهية
الأسئلة والأجوبة الفقهية
Edition Number
العاشرة
Publication Year
١٤١٢ هـ
Genres
وَقْفٌ للهِ تَعَالَى
الأسئلة والأجوبة الفقهية
تَأْلِيفُ
عَبدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ السّلمانِ
المدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
الجزء الأول
طُبِعَ عَلَى نَفَقَةِ مَنْ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وجْهَ اللهِ وَالدَار الآخرةَ فجَزاهُ اللهُ عن الإسلام والمسلمينَ خيرًا وغَفَر له ولوالديه ولمن يُعيدُ طِبَاعَتَه أو يُعِيْنُ عليها أو يَتَسبَب لها أو يُشِيرُ على مَنْ يُؤمِلُ فيه الخيرَ أن يَطبَعَه وقفًا للهِ تعالى يُوزَّع على إخوانِهِ المسلمين … اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم
1 / 1
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
ومن أراد طباعته ابتغاء وجه الله تعالى لا يريد به عرضًا من الدنيا فقد أُذن له وجزى الله خيرًا من طبعه وقفًا أو أعان على طبعه أو تسبب لطبعه وتوزيعه على إخوانه المسلمين فقد ورد عن النبي ﷺ أنه قال: «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي به ومنبله» الحديث رواه أبو داود. وورد عنه ﷺ أنه قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» الحديث رواه مسلم.
…
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الكتاب
الحمد لله الذي تفرد بالجلال والعظمة والكبرياء والجمال، وأشكره شكر عبد معترف بالتقصير عن شكر بعض ما أوليه من الإنعام والأفضال، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد؛ فعندما كنت أدرس التلاميذ في المعهد العلمي في الفقه، طلب مني بعض التلاميذ أن أضع لهم على المقرر أسئلة وأجوبة للمراجعة، فأجبتهم إلى ذلك، ووضعت على المقرر من الفقه أسئلة قليلة جمعت لها من كتب الفقه أجوبة، وبعد مدة رأيت أني أزيد فيها وأنقص وأنقحها وأذكر معها ما تيسر من دليل أو تعليل، وحيث أن النظم يسهل حفظه غالبًا وإحضاره ويروق للسامع، فقد ذكرت ما تيسر من نظم ابن عبد القوي، ومن مختصره لابن معمر، وإن شاء الله سأذكر المصادر التي نقلتها منها من كتب الحديث والفقه في آخر الكتاب، وسميتها «الأسئلة والأجوبة الفقهية المقرونة بالأدلة الشرعية» والله المسئول أن يجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به نفعًا عامًا، وأن يجعله مقربًا لنا ولمن انتفع به لديه في جنات النعيم، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليمًا كثيرًا،،،
عبد العزيز المحمد السلمان
1 / 3
تعريف الفقه
س ١: ما هو الفقه لغةً وشرعًا؟ وما موضوع علم الفقه؟
ج: الفقه لغةً: الفهم، وشرعًا: معرفة الأحكام الشرعية بالفعل أو بالقوة القريبة، وموضوعه: أفعال العباد من حيث تعلق الأحكام الشرعية بها ومسائله، وما يذكر في كل باب من أبوابه.
س ٢: ما هي الأحكام الشرعية؟ اذكرها بوضوح.
ج: هي الأول: الواجب، وهو ما أثيب فاعله وعوقب تاركه، والثاني: الحرام، وهو ما أثيب تاركه وعوقب فاعله، والثالث: المسنون، وهو ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه، والرابع: المكروه، وهو ما أثيب تاركه ولم يعاقب فاعله، والخامس: المباح، وهو مستوي الطرفين أي ما خلا من مدح وذم.
س ٣: من هو الفقيه؟ وما الذي يجب على المكلف تعلمه؟
ج: هو من عرف جملة غالبة من الأحكام الشرعية بالفعل أو بالقوة القريبة، ويجب على المكلف أن يتعلم من العلوم الدينية ما يحتاج إليه في عباداته ومعاملاته، وما عدا ذلك من العلوم الشرعية أو ما هو وسيلة إليها فمستحب، قال الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ الآية.
وعن معاوية ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» متفق عليه، وعن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة» رواه مسلم.
1 / 4
كتاب الطهارة
س ٤: ما هي الطهارة لغةً وشرعًا؟ ولما قدمت على غيرها؟
ج: هي لغةً: النظافة والنزاهة عن الأقذار، وحقيقتها استعمال المطهرين الماء والتراب أو أحدهما على الصفة المشروعة في إزالة النجس والخبث، وقدمت الطهارة على غيرها؛ لأنها شرط من شروط الصلاة التي هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، والشرط مقدم على المشروط.
س ٥: ما هو الدليل على ذلك؟
ج: ما ورد عن علي بن أبي طالب ﵁ عن النبي ﷺ قال: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» رواه الخمسة إلا النسائي.
س ٦: ما هو الماء الطهور؟ وما الدليل على طهارته؟
ج: هو الطاهر في ذاته المطهر لغيره. قال الله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ﴾، وقال: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾.
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ في البحر: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته» أخرجه الأربعة، وابن أبي شيبة واللفظ له، وابن خزيمة والترمذي، ورواه مالك والشافعي وأحمد.
س ٧: بين ما الذي ينجس به الماء الطهور؟ واذكر الدليل على ما تقول.
ج: ينجس إذا تغير لونه، أو طعمه، أو ريحه بنجاسة، لما ورد عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه» أخرجه ابن ماجه، وضعفه أبو حاتم، وللبيهقي: «الماء طهور إلا إن تغير ريحه أو طعمه
1 / 5
أو لونه بنجاسة تحدث فيه»، وأجمع العلماء أن الماء الكثير والقليل إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت له لونًا أو طعمًا أو ريحًا أنه نجس. والله أعلم، وصلى الله على محمد.
س ٨: بأي شيء يطهر الماء النجس؟
ج: بأحد ثلاثة أشياء: إما بزوال تغيره بنفسه، أو ينزح ويبقى بعده ماء غير متغير، وإما بإضافة ماء إليه ويزول معه التغير.
٣ - باب الآنية
س ٩: ما هي الآنية؟ ولما ذكرت تلي الطهارة وما حكمها؟
ج: هي الأوعية، ولما كان الماء لابد له من وعاء ذكر تابعًا له، وحكمها أن كل إناء ظاهر ولو ثمينًا يباح اتخاذه واستعماله إلا آنية ذهب وفضة وما فيه شيء منهما أو من أحدهما إلا ضبة يسيرة من فضة لحاجة.
ومن مختصر النظم:
وكل الأواني الطاهرات وإن غلب … تباح لكل مطلقًا غير عسجد
وغير لجين والمضبب منهما … فحرم على الصنفين لا تتقيد
ومن فضة حوز كتشعيب قصعة … وكره بلا حاج مباشرها زد
س ١٠: ما الدليل على تحريم أواني الذهب والفضة، وإباحة السلسلة من الفضة؟
ج: ما ورد عن حذيفة مرفوعًا: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة»، وعن أم سلمة: «الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» متفق عليهما، وعن أنس: «أن قدح النبي ﷺ انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة» رواه البخاري.
1 / 6
س ١١: ما حكم استعمال آنية الكفار وثيابهم؟ واذكر دليل ذلك.
ج: تباح آنية الكفار وثيابهم إن جهل حالها. قال الله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ﴾ و«لأنه ﷺ وأصحابه توضؤوا من مزادة امرأة مشركة» متفق عليه، وعن جابر قال: «كنا نغزو مع رسول الله ﷺ فنصيب من آنية المشركين فنستمتع بها ولا يعيب ذلك عليهم» رواه أحمد وأبو داود.
من النظم:
وآنية الكفار طاهرة معا … وأثوابهم ما لم تيقن لمفسد
وما جهل استعماله من متاعهم … مباح بلا كره بغير تقيد
س ١٢: بين حكم جلد الميتة التي تفيد فيها الذكاة بعد الدبغ، واذكر الدليل.
ج: يطهره الدباغ، لما وري عن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ وجد شاة ميتة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة، فقال رسول الله ﷺ: «هلا انتفعتم بجلدها؟» قالوا: إنها ميتة، فقال: «إنما حرم أكلها»، ولما ورد عن سودة زوج النبي ﷺ قالت: «ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها ثم ما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنا» رواه أحمد والنسائي والبخاري، وعن ابن عباس ﵄ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «أيما إهاب دبغ فقد طهر» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه والترمذي، وقال: قال إسحاق عن النضر بن شميل: إنما يقال إهاب: لجلد ما يُؤكل لحمه.
س ١٣: ما حكم أجزاء الميتة؟ اذكرها بوضوح وبين أنواعها.
ج: الميتة نوعان: طاهرة، كالسمك والجراد وما لا نفس له سائلة متولدة من طاهر، فهذه أجزاؤها طاهرة إذا انفصلت عنها في الحياة والموت.
1 / 7
والثانية: كبهيمة الأنعام والطيور ونحوها مما تفيد فيه الذكاة، فهذه الصوف والشعر والوبر والريش منها طاهر والباقي نجس. قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا﴾ والريش مقيس عليه.
ونقل الميموني عن أحمد «صوف الميتة لا أعلم أحدًا كرهه». والله أعلم، وصلى الله على محمد.
س ١٤: ما حكم ما قطع من البهيمة، وما دليل الحكم؟
ج: ما فُصِلَ مِنْ البهيمة وهي حية فهو كميتته طهارة ونجاسة، لما ورد عن أبي واقد الليثي ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة» أخرجه أبو داود والترمذي؛ وأما ما لا تفيد فيه الذكاة، كالكلب والخنزير ونحوها، فهذه أجزاؤها كلها نجسة ذكيت أم لا، ولا يستثنى منها شيء. والله أعلم، وصلى الله على محمد.
س ١٥: بين حكم تخمير الإناء وإيكاء السقاء وإطفاء النار عند النوم، واذكر الدليل.
ج: مستحبات لما ورد عن جابر ﵁ عن رسول الله ﷺ قال: «غطوا الإناء وأوكوا السقاء، وأغلقوا الأبواب، وأطفئوا السراج، فإن الشيطان لا يحل سقاء، ولا يفتح بابًا، ولا يكشف إناءً؛ فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودًا ويذكر اسم الله فليفعل؛ فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم» رواه مسلم.
وأما الدليل على إطفاء النار عند النوم، فهو ما ورد عن ابن عمر
﵄، عن النبي ﷺ قال: «لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون» متفق عليه، وعن أبي موسى الأشعري قال: احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل، فلما حدث رسول الله ﷺ بشأنهم، قال: «إن هذه النار عدو لكم، فإذا نمتم فاطفئوها» متفق عليه.
1 / 8
٤ - باب الاستنجاء وآداب التخلي
س ١٦: ما هو الاستنجاء؟ وما حكمه؟ وما دليله؟
ج: هو إزالة ما خرج من سبيل بماء أو إزالة حكمه بحجر ونحوه، وحكمه واجب، لما ورد عن عائشة ﵂ أن رسول الله ﷺ قال: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار؛ فإنها تجزئ عنه» رواه أحمد والنسائي وأبو داود، وعن أنس ﵁ قال: «كان النبي ﷺ يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي أداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء» متفق عليه.
س ١٧: ما المراد بآداب التخلي، وما المسنون قوله عند دخول الخلاء؟
ج: المراد ما ينبغي فعله حال قضاء الحاجة وعند دخول الخلاء والخروج منه والمسنون قوله عند دخول الخلاء هو ما ورد في حديث أنس: أن النبي ﷺ «كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» متفق عليه، وروى أبو أمامة أن رسول الله ﷺ قال: «لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الشيطان الرجيم» رواه ابن ماجه، وعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله ﷺ: «إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث» رواه ابن ماجه.
س ١٨: ما المسنون قوله عند الخروج من الخلاء؟
ج: يسن قول ما ورد عن عائشة ﵂ قالت: «كان رسول الله ﷺ إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك» رواه الخمسة إلا النسائي، وعن أنس قال: «كان النبي ﷺ إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني» رواه ابن ماجه.
1 / 9
وفي «مصنف عبد الرزاق»: أن نوحًا ﵊ كان يقول إذا خرج: «الحمد له الذي أذاقني لذته وأبقى في منفعته وأذهب عني أذاه».
س ١٩: بين صفة دخول الخلاء والخروج منه والجلوس لقضاء الحاجة؟
ج: يقدم رجله اليسرى عند الدخول، واليمنى عند الخروج عكس مسجد ونعل، وعند الجلوس يرفع ثوبه شيئًا فشيئًا ويعتمد على رجله اليسرى، ولا يلبث إلا بمقدار حاجته، أما كونه يقدم اليسرى في الدخول واليمنى للخروج، فلأن اليسرى للأذى واليمنى لما سواها؛ لأنها أحق بالتقديم إلى الأماكن الطيبة وأحق بالتأخير عن الأذى ومحله؛ وأما كونه يرفع ثوبه شيئًا فشيئًا، فلما روى ابن عمر ﵄: أن النبي ﷺ كان لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض، وأما كونه يكون معتمدًا على رجله اليسرى، فلحديث سراقة بن مالك ﵁ قال: «أمرنا رسول الله ﷺ أن نتكئ على اليسرى وأن ننصب اليمنى» رواه الطبراني والبيهقي؛ ولأنه أسهل لخروج الخارج، وأما كونه لا يلبث فوق حاجته، فقيل: لأنه مضر عند الأطباء، وقيل: لأنه يدمي الكبد، وقيل: لأنه يورث الباسور. والله أعلم، وصلى الله على محمد.
س ٢٠: ما حكم الكلام في حال قضاء الحاجة، وما هو دليل الحكم؟
ج: مكروه كراهة شديدة لغير ضرورة أو حاجة، لما ورد عن ابن عمر «أن رجلًا مر ورسول الله ﷺ يبول فسلم عليه فلم يرد عليه» رواه الجماعة إلا البخاري، وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتيهما يتحدثان؛ فإن الله يمقت على ذلك» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
1 / 10
س ٢١: ما حكم دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله، وما دليل الحكم؟
ج: يكره إلا لحاجة، أما المصحف فيحرم إلا لضرورة أو حاجة؛ لما ورد عن أنس قال: «كان النبي ﷺ إذا دخل الخلاء نزع خاتمه» رواه الخمسة إلا أحمد، وصححه الترمذي، وقد صحح أن نقش خاتمه «محمد رسول الله».
ومن مختصر النظم:
وسم إذا رمت الخلا وتعوذن … ولا تنكشف إلا مقارب مقعد
وقدم يسارًا في الدخول وعكسه … خروجًا وأنصت في جلوسك ترشد
وكن ناصب اليمنى ومعتمدًا على … يسار وإن تعطس ففي قلبك أحمد
ونح الذي اسم الله فيه بلا أذى … ونقش الخواتيم أخب في باطن اليد
س ٢٢: بين حكم مباشرة الفرج باليمين، واذكر الدليل على ما تقول.
ج: مكروه لغير ضرورة أو حاجة، لما ورد عن أبي قتادة مرفوعًا: «لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه» متفق عليه. ولمسلم عن سليمان: «نهانا رسول الله ﷺ أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو عظم».
س ٢٣: بين حكم الاستتار والابتعاد في الفضاء لمريد قضاء الحاجة؟
ج: مستحب لما ورد عن جابر قال: «خرجنا مع النبي ﷺ في سفر فكان لا يأتي البراز حتى يغيب فلا يُرى» رواه ابن ماجه، وعن عبد الله بن جعفر قال: «كان أحب ما استتر به رسول الله ﷺ لحاجته هدف أو حائش نخل» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.
س ٢٤: ما حكم البول والتغوط في طريق الناس أو ظلهم، وما دليل الحكم؟
1 / 11
ج: محرم لما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «اتقوا اللاعنين الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم» رواه مسلم.
وعن أبي سعيد الحميري، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ: «اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل» رواه أبو داود وابن ماجه، وقال: هو مرسل ولا يحرم في مجمع الناس على حرام كغيبة، أو لهو، أو قمار، أو شرب مسكر، أو سماع الآلات المطربة، ويجب تفريقهم بما استطاع.
س ٢٥: بين حكم البول في الجحر والسرب، والشق والماء الراكد والمستحم، واذكر دليل الحكم.
ج: مكروه، لما ورد عن قتادة عن عبد الله بن سرجس قال: «نهى رسول الله ﷺ أن يبال في الحُجْرِ» قالوا لقتادة: ما يكره من البول في الجحر، قال: يقال: إنها مساكن الجن، رواه أحمد والنسائي وأبو داود.
وأما الدليل على كراهة البول في الماء الراكد والمستحم، فهو ما ورد عن جابر عن النبي ﷺ أنه «نهى أن يبال في الماء الراكد» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه، وعن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يبولن أحدكم في مستحمه، ثم يغتسل فيه أو يتوضأ فيه؛ فإن عامة الوسواس منه» رواه أبو داود والترمذي والنسائي، إلا أنهما لم يذكرا: «ثم يغتسل فيه أو يتوضأ فيه».
س ٢٦: بين حكم إعداد الأحجار للاستجمار وطلب المكان اللين للبول.
ج: مستحب، لما ورد عن عائشة ﵂ أن رسول الله ﷺ قال: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار، فإنها تجزئ عنه» رواه أحمد والنسائي وأبو داود والدارقطني، وقال: إسناده حسن صحيح.
1 / 12
وعن أبي موسى قال: كنت مع النبي ﷺ ذات يوم فأراد أن يبول فأتى دمثًا في أصل جدار فبال، ثم قال: «إذا بال أحدكم فليرتد لبوله» رواه أحمد وأبو داود.
وعن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «من أتى الغائط فليستتر؛ فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبًا من رمل فليستدبره؛ فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج عليه» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
٥ - استقبال القبلة واستدبارها
حال قضاء الحاجة
س ٢٧: بين حكم استقبال واستدبارها حال قضاء الحاجة، واذكر دليل الحكم وما تستحضره من خلاف.
ج: قيل: يحرم في البنيان وغيره، لما ورد عن أبي هريرة عن النبي ﷺ: «إذا جلس أحدكم لحاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها» رواه أحمد ومسلم.
وعن أبي أيوب الأنصاري عن النبي ﷺ قال: «إذا أوتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها؛ ولكن شرقوا أو غربوا»، قال أبو أيوب: «فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله» متفق عليه، ولمسلم عن سلمان: «لقد نهانا رسول الله ﷺ أن نستقبل القبلة بغائط أو بول» الحديث.
والقول الثاني: التفريق بين العمران والفضاء، وأنه يحرم استقبالها واستدبارها في الفضاء ويجوز في العمران، لما ورد عن ابن عمر ﵄ قال: «ارتقيت يومًا على بيت حفصة فرأيت رسول الله ﷺ على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة» رواه الجماعة.
1 / 13
وعن جابر بن عبد الله ﵁ قال: «نهى رسول الله ﷺ أن نستقبل القبلة ببول فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها» رواه الخمسة إلا النسائي، وعن عائشة ﵂ قالت: ذكر لرسول الله ﷺ أن ناسًا يكرهون أن يستقبلوا القبلة بفروجهم، فقال: «أو قد فعلوها حولوا مقعدتي قبل القبلة» رواه أحمد وابن ماجه، وعن مروان الأصفر قال: «رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة يبول إليها، فقلت: أبا عبد الرحمن، أليس قد نهى عن ذلك؟ فقال: بلى، إنما نهى عن هذا في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس» رواه أبو داود. والذي تميل إليه النفس العمل بحديث أبي أيوب؛ لأنه أحوط، فاستقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط في بنيان أو فضاء حرام.
قال الشيخ سليمان بن سحمان الناظم لبعض اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية:
وعند أبي العباس ليس بجائز … ولو من وراما حال فاحظر وشدد
فكم بين بيت الله من ركن شامخ … وأسوار حيطان وبيت معمد
فالجهة التحريم يا صاح فاعلمن … فخذ نص تصريح صحيح مؤيد
وإن ذكروا يومًا حديثًا مجوزًا … لذلك في البنيان غير مفند
فقد ذكر ابن القيم الحبر أنها … قضية عين خصصت بمحمد
س ٢٨: اذكر ما تستحضره مما لا يجوز الاستجمار به مع ذكر الدليل.
ج: يحرم بعظم وروث وماله حرمة ومطعوم وحي، لما ورد عن جابر قال: «نهى رسول الله ﷺ أن يتمسح بعظم أو بعرة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وعن سلمان قال: «أمرنا النبي ﷺ أن لا نكتفي بدون ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع ولا عظم» رواه أحمد وابن ماجه، وعن أبي هريرة: أن النبي ﷺ «نهى أن يستنجي بروث أو بعظم، وقال: إنهما لا يطهران» رواه الدارقطني، وقال: إسناد صحيح.
1 / 14
وأما الدليل على تحريم الاستجمار بما له حرمة أو ذلك ككتب الفقه والحديث، فلما فيه من هتك الشريعة والاستخفاف بحرمتها، فهو في الحرمة أعظم من الروث والرمة.
وأما الدليل على تحريمه بالمطعوم، فهو ما ورد في مسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن» فيؤخذ من التعليل أن زادنا مع عظم حرمته أولى.
ومن مختصر النظم:
وابعد لدى الصحراء عن أعين الورى … لستر ورخو الأرض للبولة اقصد
وعن موضع تخشى تعد أذاك بل … برفق وتفريق لأليبك ترشد
ويحسن الاستجمار وترًا أقله … ثلاث بمنق طاهر حل فاقصد
ويجزئ في الأولى بغير حجارة … وإن لم تطهرك الثلاثة فازدد
ومسح بقرد ذي جوانب مجزئ … وإتباعه بالماء أولى لمقتد
ويحرم ولا يجزي بعظم وروثة … وحي ومطعوم ومحترم حد
ويكره في شق وفي مسرب بوله … ومسك فرجا باليمين فقيد
وبولا بطرق الناس حرم وظلهم … كذا تحت أشجار بها الثمر أعدد
س ٢٩: ما حكم الاقتصار على الماء أو الأحجار؟ وما حكم الجمع بينهما؟
ج: يجوز الاقتصار على أحدهما، لكن الماء أفضل والجمع بين الأحجار والماء أفضل من الماء وحده، لما ورد عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «نزلت هذه الآية في أهل قباء ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ﴾» قال: «كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وأخرجه البزار في «مسنده» من حديث ابن عباس بلفظ: «نزلت هذه الآية في أهل قباء ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ﴾» فسألهم رسول الله ﷺ، فقالوا: إنا نتبع الحجارة الماء.
1 / 15
قال العمريطي:
ويجب استنجاء كل محدث … من كل رجس خارج ملوث
بالماء أو ثلاثة أحجار … ينقي بهن موضع الأقذار
والجمع أولى وليقدم الحجر … والماء أولى وحده إن اقتصر
٦ - باب السواك
س ٣٠: ما حكم السواك؟ وهل وقته محدد؟ وما صفة الاستياك؟
ج: مسنون كل وقت، لحديث عائشة ﵂ أن النبي ﷺ قال: «السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب» رواه أحمد والنسائي وهو للبخاري تعليق، وعن عامر بن ربيعة قال: «رأيت رسول الله ﷺ ما لا أحصى يتسوك وهو صائم» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن، وصفة الاستياك أن يستاك بيده اليسرى عرضًا بالنسبة إلى أسنانه طولًا بالنسبة إلى فمه مبتدأ بجانب فمه الأيمن، لما روي أن النبي ﷺ قال: «استاكوا عرضًا، وادهنو غبًا، واكتحلوا وترًا».
س ٣١: ما هي المواضع التي يتأكد فيها السواك؟ اذكرها بوضوح.
ج: عند الانتباه من نوم الليل، وعند الوضوء، وعند دخول المنزل، وعند الصلاة، وعند دخول المسجد، وعند تغير الفم.
وعند صلاة أو تغير نكبة … وعند انتباه والوضوء فأكد
ويستاك عرضًا ثم عند تلاوة … بعود منق طاهر غير مفسد
س ٣٢: ما هي الأدلة الدالة على تأكد السواك؟
ج: أما الدليل على تأكده عند القيام من نوم الليل، فلما ورد عن حذيفة قال: «كان رسول الله ﷺ إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك» رواه الجماعة إلا الترمذي.
وعن عائشة قالت: «كان رسول الله ﷺ لا يرقد من ليل أو نهار فيستيقظ إلا تسوك
1 / 16
قبل أن يتوضأ» رواه أبو داود؛ وأما عند تغير الفم، فلأن السواك شرع لإزالة الرائحة؛ وأما عند الوضوء، فلحديث أبي هريرة ﵁ عن رسول الله ﷺ أنه قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء» أخرجه مالك وأحمد والنسائي، وصححه ابن خزيمة، وذكره البخاري تعليقًا؛ وأما عند الصلاة، فلحديث أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» رواه الجماعة؛ وأما عند دخول المسجد والمنزل، فلما ورد عن المقداد بن شريح عن أبيه قال: «قلت لعائشة ﵂ بأي شيء كان يبدأ النبي ﷺ إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي، والمسجد أولى من البيت.
٧ - سنن الفطرة
س ٣٣: ما هي سنن الفطرة؟ وما دليلها؟
ج: هي المذكورة في حديث أبي هريرة وحديث عائشة؛ أما حديث أبي هريرة، فقال: قال رسول الله ﷺ: «خمس من الفطرة: الاستحداد، والختان، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار» رواه الجماعة، وعن زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن أبي شيبة عن طلق بن حبيب، عن ابن الزبير عن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء -يعني الاستنجاء-» قال زكريا: قال مصعب: «ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة» رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي.
س ٣٤: هل ورد شيء في قص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة؟
1 / 17
ج: يفعل ذلك كل أسبوع، لما روى البغوي في «مسنده» عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي ﷺ ﵊ كان يأخذ أظفاره وشاربه كل جمعة، ويكره تركه فوق أربعين يومًا، لما ورد عن أنس بن مالك قال: «وقت لنا في قص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة» رواه مسلم وابن ماجه، ورواه أحمد والترمذي وأبو داود، قالوا: وقت لنا رسول الله ﵊.
س ٣٥: بين حكم حلق اللحية والأخذ من الشارب، واذكر ما تستحضره من الأدلة مستقصيًا لها؟
ج: يحرم حلقها وقصها ونتفها وتحريقها. قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾، وقال: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾، وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾، وقال: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ ﵊: «جزوا الشوارب ورخوا اللحى خالفوا المجوس» رواه أحمد ومسلم، وعن ابن عمر عن النبي ﵊: «خالفوا المشركين ووفروا اللحى وأحفوا الشوارب» متفق عليه.
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﵊: «اعفوا اللحى وجزوا الشوارب، ولا تشبهوا باليهود والنصارى»، وللبزار عن ابن عباس مرفوعًا: «لا تشبهوا بالأعاجم، اعفوا اللحى»، وروى ابن عمر قال: قال رسول الله ﵊: «من تشبه بقوم فهو منهم» وله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله ﵊ قال: «ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا النصارى»، وروى عن ابن عمر: «من تشبه بهم حتى يموت حشر معهم»، وعن زيد بن أرقم أن رسول الله ﵊ قال:
1 / 18
«من لم يأخذ من شاربه فليس منا» رواه أحمد والترمذي والنسائي.
عن ابن عباس قال: «كان رسول الله ﵊ يقص أو يأخذ من شاربه وكان إبراهيم -خليل الرحمن صلوات الله عليه- يفعله» رواه الترمذي.
س ٣٦: ما هو القزع؟ وما حكمه؟ وما دليل الحكم؟
ج: هو حلق بعض الرأس وترك بعضه، وحكمه مكروه، لما ورد عن نافع عن ابن عمر قال: «نهى رسول الله ﵊ عن القزع، فقيل لنافع: ما القزع؟ قال: أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضه» متفق عليه، وعن عمر: أن النبي ﵊ رأى صبيًا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك، وقال: «احلقوا كله أو ذروا كله» رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح.
والحكمة في النهي عن الفزع، قيل: لأنه زي أهل الشرك، وقيل: لأنه زي اليهود، وقيل: لأنه يشوه الخلقة. والله أعلم.
س ٣٧: ما حكم نتف الشيب؟ وما حكم تغييره؟ وما دليل الحكم؟
ج: نتف الشيب مكروه، ويكره تغييره بسواد.
أما دليل الأول: فلما ورد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ﵊ قال: «لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة ورفعه بها درجة وحط عنه بها خطيئة» رواه أحمد وأبو داود، وعن كعب بن مرة أن رسول الله ﵊ قال: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورًا يوم القيامة» رواه الترمذي والنسائي.
وأما الدليل على كراهة تغييره بالسواد، فلما ورد عن جابر بن عبد الله
﵄ قال: جيء بأبي قحافة يوم الفتح إلى رسول الله ﵊ وكأن رأسه ثغامة، فقال رسول الله ﵊: «اذهبوا
1 / 19
به إلى بعض نسائه فلتغيره بشيء وجنبوه السواد» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي، وأخرج أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله ﵊: «قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة» وأما تغييره بالحناء والكتم، فمسنون ولا بأس بورس وزعفران، لما ورد عن أبي ذر ﵁ قال: قال رسول الله ﵊: «إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم» رواه الخمسة، وصححه الترمذي، عن ابن عباس قال: «مر على النبي ﵊ رجل قد خضب بالحناء، فقال: ما أحسن هذا!»، قال: فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم، فقال: «ما أحسن هذا!» ثم مر بآخر قد خضب بالصفرة، فقال: «هذا أحسن من هذا كله» رواه أبو داود.
س ٣٨: بين حكم اتخاذ الشعر للرجل، وحكم الختان، واذكر ما فيه من خلاف.
ج: مسنون، لما ورد عن عائشة قالت: «كان شعر النبي ﵊ فوق الوفرة ودون الجمة» رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الترمذي، وعن أنس بن مالك: «أن النبي ﵊ كان يضرب شعره منكبيه»، وفي لفظ: «كان شعره رجلًا ليس بالجعد ولا السبط بين أذنيه وعاتقه» أخرجاه، ولأحمد ومسلم: «كان شعره إلى أنصاف أذنيه».
والختان واجب على الرجال مكرمة في حق النساء وليس بواجب عليهن، وذلك قول كثير من أهل العلم. قال أبو عبد الله: وكان ابن عباس يشدد في أمره، وروي عنه: «لا حج له ولا صلاة» يعني إذا لم يختتن، والدليل على وجوبه ما روي أن النبي ﵊ قال لرجل من أسلم: «ألق عنك شعر الكفر، واختتن» رواه أبو داود.
وعن أبي هريرة ﵁: أن النبي ﵊ قال: «اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة، واختتن
1 / 20