Al-Zawājir ʿan Iqtirāf al-Kabāʾir
الزواجر عن اقتراف الكبائر
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
Genres
Shāfiʿī Law
وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ اللَّهُ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» .
وَالشِّيرَازِيُّ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي فِي مَسَكَةٍ مِنْ دِينِهَا مَا لَمْ تُضِلَّهُمْ النُّجُومُ» .
وَأَحْمَدُ: «أَصْبَحَ مِنْ النَّاسِ شَاكِرٌ وَمِنْهُمْ كَافِرٌ فَقَالُوا: هَذِهِ رَحْمَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَقَدْ صَدَقَنَا نَوْءُ كَذَا وَكَذَا»
وَمِنْهَا: مَرَّ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] وَبِهِ يُخَصُّ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: ٥٣] وَبِالْآيَتَيْنِ جَمِيعًا يُعْلَمُ أَنَّ الْحَقَّ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَيِّتَ - مُؤْمِنًا فَاسِقًا - تَحْتَ الْمَشِيئَةِ، فَإِنْ شَاءَ تَعَالَى عَذَّبَهُ كَمَا يُرِيدُ، ثُمَّ مَآلُهُ إلَى أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ فَيُخْرِجَهُ مِنْ النَّارِ وَقَدْ اسْوَدَّ فَيَنْغَمِسَ فِي نَهْرِ الْحَيَاةِ ثُمَّ يَعُودَ لَهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ مِنْ الْجَمَالِ وَالنَّضَارَةِ وَالْحُسْنِ، ثُمَّ يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَيُعْطِيَهُ مَا أَعَدَّ لَهُ بِسَابِقِ إيمَانِهِ وَمَا قَدَّمَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ كَمَا صَحَّ بِذَلِكَ كُلِّهِ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَفَا عَنْهُ ابْتِدَاءً فَسَامَحَهُ وَأَرْضَى عَنْهُ خُصَمَاءَهُ ثُمَّ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَعَ النَّاجِينَ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْخَوَارِجِ: إنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ كَافِرٌ. وَقَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ: إنَّهُ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ حَتْمًا، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ كَمَا لَا يَجُوزُ عِقَابُ الْمُطِيعِ، فَهُوَ مِنْ تَقَوُّلِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ عَلَى اللَّهِ؛ تَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٩٣] إمَّا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ كُفْرٌ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْخُلُودِ حِينَئِذٍ التَّأْبِيدَ فِي النَّارِ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْخُلُودُ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّأْبِيدَ كَمَا تَشْهَدُ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ وَالْمَوَادُّ اللُّغَوِيَّةُ: أَيْ فَهَذَا جَزَاؤُهُ إنْ عُذِّبَ، وَإِلَّا فَقَدْ يَعْفُو تَعَالَى عَنْهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] وَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٥٣] وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: لَا تَوْبَةَ لِلْقَاتِلِ، مُرَادُهُمْ بِهِ الزَّجْرُ وَالتَّنْفِيرُ عَنْ الْقَتْلِ، وَإِلَّا فَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ لَهُ تَوْبَةٌ كَالْكَافِرِ بَلْ أَوْلَى.
1 / 51