58

At-Tayseer fi At-Tafseer

التيسير في التفسير

Investigator

ماهر أديب حبوش وآخرون

Publisher

دار اللباب للدراسات وتحقيق التراث

Edition Number

الأولى

Publication Year

1440 AH

Publisher Location

أسطنبول

بالذكر لعجزهم وفقرهم، بل قال: لهم أبدانٌ يقيمون الصلاة بها، وأموالٌ يؤدُّون الزكاة عنها، ثم لا يَشغلُهم ذلك عن خدمة اللَّه تعالى وذكرِه. وهذه الحكمةُ التي ذكرها مِن قَرْن إقامةِ الصلاة وإيتاءِ الزكاة بذكرِ اللَّه لم أجدْها عند أحدٍ من المفسِّرين. - ومِن ذلك كلامه في الحكمة من ختم قوله تعالى: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ﴾ [البروج: ٨ - ٩] حيث وَرَد في الآية كونُه عزيزًا حميدًا ملكًا دون غيرها من صفاته تعالى، فقال المؤلِّف في تعليل تخصيص هذه الصفات: ﴿الْعَزِيزُ﴾ صفة لـ ﴿اللَّهِ﴾ تعالى، وهو المنيعُ الذي لا يُغْلَب، ﴿الْحَمِيدِ﴾ بحمدِ المؤمنين، وفي عقول جميع المكلَّفين، والمستحِقُّ للحمد على الحقيقة ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. ثم قال: وأشار بهذا كلِّه إلى أنَّه لو شاءَ لمنعَهم عن ذلك، لكن لم يمنع محنةً لأوليائه. فهذه الحكمةُ من تخصيصرِ تلك الصفاتِ التي ختَم بها لم أجد مَن تنبَّه لها ممَّن تكلَّم في تفسير الآيةِ، ومنهم الزمخشريُّ الذي قال فيها: وذكَرَ الأوصافَ التي يَستحقُّ بها أن يُؤْمَنَ به ويُعْبَدَ، وهو كونُه عزيزًا غالبًا قادرًا يُخشَى عقابُه، حميدًا منعِمًا يجب له الحمدُ على نعمته ويُرجى ثوابه، ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ فكلُّ مَن فيهما تحقُّ عليه عبادتُه والخشوعُ له. وهذا الذي ذكره الزمخشريُّ كلامٌ حسنٌ لكنه غيرُ كافٍ في تعليلِ التخصيص بتلك الصفات، فإنه ينطبِقُ على كلِّ صفات اللَّه وأسمائه. - ومن شروحِه الحسنةِ ما جاء في تفسيرِ قولهِ تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ

المقدمة / 59