وقال في حقِّ أصحابه (^١): ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ إلى قوله: ﴿وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ [الفتح: ١٨ - ٢٠].
وعن بكرِ بنِ عبد اللَّه المزنيِّ قال: رأيتُ النبيَّ ﷺ في المنام فسألتُه عن الصراط المستقيم فقال: سُنَّتي وسُنّة الخلفاءِ الراشدين من بعدي (^٢).
وقال أبو سليمانَ الدَّارَانيُّ: هو طريق العبودية التي ذكرها قبله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾، وقال اللَّه تعالى: ﴿فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ [آل عمران: ٥١].
وقال السُّدِّيُّ: هو طريقُ الجنة، فالطريقُ طريقان: طريقُ الجحيم قال تعالى: ﴿فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٢٣]، وطريق الجنة قال تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾.
ثم إنما سمِّي الدِّين صراطًا لأن مَن كان له مقصودٌ أو مطلَبٌ (^٣) فإنما يصل إليه بعد قطعِ الطريق وسلوكِ (^٤) سواءِ السبيل، واللَّهُ تعالى متعالٍ (^٥) عن الأمكنةِ، لكنَّ العبد الطالب صاحبُ المكان، فلا بد له من قطعِ المسافات، ومسِّ الآفَات، وتحمُّلِ المَخافات، ليُكرَم بالوصول والموافاة.
وقيل لبعض الكُبراء: ما الطريقُ إلى اللَّه تعالى؟ فقال: عَطْفتينِ (^٦) وقد وصلتَ: تدورُ مرةً فتنبذُ الدنيا وراء ظهرك، وتدورُ ثانيةً فتنبذُ العُقْبى وراء ظهرك، وقد وصلت.
(^١) في (أ): "الصحابة".
(^٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (١/ ١٢٠).
(^٣) في (ر): "أو مطلب مقصد"، وفي (أ) و(ف): "أو مقصد".
(^٤) في (ف): "وسلوكه".
(^٥) في (ر) و(ف): "يتعالى".
(^٦) في (ر): "خطوتين".