36

At-Tawhid

التوحيد

Investigator

كاظم المظفر

Publisher

مؤسسة الوفاء

Edition Number

الثانية

Publication Year

1404 AH

Publisher Location

بيروت

كان يلبث الطعام في الجوف تهضمه المعدة؟ ولولا الهاضمة كيف كان ينطبخ (1) حتى يخلص منه الصفو الذي يغذو البدن ويسد خلله (2) ولولا الدافعة كيف كان الثفل الذي تخلفه الهاضمة يندفع ويخرج أولا فأولا؟ أفلا ترى كيف وكل الله سبحانه - بلطف صنعه وحسن تقديره - هذه القوى بالبدن، والقيام بما فيه صلاحه... وسأمثل لك في ذلك مثالا: إن البدن بمنزلة دار الملك، له فيها حشم (3) وصبية وقوام (4) موكلون بالدار، فواحد لقضاء حوائج الحشم وإيرادها (5) عليهم، وآخر لقبض ما يرد وخزنه، إلى أن يعالج ويهيأ، وآخر لعلاج ذلك وتهيئته وتفريقه، وآخر لتنظيف ما في الدار من الأقذار وإخراجه منها، فالملك في هذا هو الخلاق الحكيم ملك العالمين، والدار هي البدن، والحشم هم (6) الأعضاء، والقوام هم (7) هذه القوى الأربع. ولعلك ترى ذكرنا هذه القوى الأربع وأفعالها - بعد الذي وصفت - فضلا وتزدادا (8) وليس ما ذكرته من هذه القوى على الجهة التي ذكرت في كتب الأطباء ولا قولنا فيه كقولهم، لأنهم ذكروها على ما يحتاج في صناعة الطب وتصحيح الأبدان، وذكرناها على ما يحتاج في صلاح الدين وشفاء النفوس من الغي (9) كالذي أوضحته بالوصف الشافي والمثل المضروب من التدبير والحكمة فيها.

Page 37