وقال في آية أخرى: ﴿ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إلاَّ رَمْزًا﴾ [آل عمران: ٤١] والقضية واحدة، فعبر تارة بذكر الأيام، وتارة بذكر الليالي، فعلمنا: أن إحدى العبارتين مفيد [ة] ما تفيده الأخرى.
ألا ترى أنه حين أراد التفرقة بين الوقتين في العدد لم يقتصر على إطلاق إحدى العبارتين دون بيان الأخرى بعدد ما، فقال: ﴿سَبْعَ لَيَالٍ وثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ﴾ [الحاقة:٧]؛ لأنه لو لم يفصل لكان المعقول سبع أيام بعدد الليالي المذكورة.
وقال: ﴿ووَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ﴾ [الأعراف: ١٤٢]، فعقل منه الليالي بأيامها.
وقال النبي ﷺ: "الشهر تسع وعشرون ليلة"، وفي لفظ آخر: "تسع وعشرون يومًا".
ولأنه يستحيل وجود جمع الأيام إلا ويتخللها الليالي، فلذلك جمع الليالي، فعلمنا: أن جمع أحد الوقتين يقتضي من الوقت الآخر مثله.
والجواب: أن ما ذكروه من قصة زكريا، وقصة مرسى، فإنما عرفناه بالدليل، لا أن اللفظ اقتضى ذلك، فحملناه على حقيقة لفظه، وما أجمعنا على أنه تابع له.