Tabsira Fi Usul Fiqh
التبصرة في أصول الفقه
Investigator
محمد حسن هيتو
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
1403 AH
Publisher Location
دمشق
فَإِن قيل هَذِه أَخْبَار الْآحَاد فَلَا يحْتَج بهَا فِي مسَائِل الْأُصُول
قُلْنَا وَإِن كَانَت من أَخْبَار الْآحَاد إِلَّا أَن الْأمة أَجمعت على قبُولهَا وَإِن اخْتلفت فِي الْعَمَل بهَا فَصَارَت مَقْطُوعًا بِصِحَّتِهَا
وَيدل عَلَيْهِ هُوَ أَن الْعَرَب وضعت للْوَاحِد صِيغَة وللاثنين صِيغَة وللثلاثة صِيغَة فَقَالُوا رجل ورجلان وَرِجَال وَفرقت بَينهَا كَمَا فرقت بَين الْأَعْيَان فِي الِاسْم فَقَالُوا فرس وحمار وبغل فَلَو كَانَ احْتِمَال لفظ للاثنين كاحتماله لما زَاد لم يكن لهَذَا التَّفْرِيق فِي الْوَضع معنى
وَأَيْضًا هُوَ أَنه يَصح أَن يسْتَثْنى من أَلْفَاظ الْجمع كل وَاحِد من الْجِنْس فَتَقول رَأَيْت النَّاس إِلَّا زيدا وَإِلَّا عمرا وَلَو لم يقتض اللَّفْظ جَمِيع الْجِنْس لم يَصح الِاسْتِثْنَاء لِأَن الِاسْتِثْنَاء يخرج من اللَّفْظ مَا لولاه لدخل فِيهِ وَلِهَذَا لَا يَصح أَن تستثنى الْبَهَائِم من النَّاس حِين لم يدْخل فِي اللَّفْظ
فَإِن قيل إِنَّمَا حسن الِاسْتِثْنَاء لصلاح اللَّفْظ لكل وَاحِد من الْجِنْس
قيل هَذَا لَا يَصح لِأَن الِاسْتِثْنَاء لَا يخرج إِلَّا مَا اقْتَضَاهُ اللَّفْظ فَإِنَّهُ مَأْخُوذ من قَوْلهم ثنيت عنان الدَّابَّة إِذْ صرفته وَقيل إِنَّه يُسمى بذلك لِأَنَّهُ تَثْنِيَة الْخَبَر بعد الْخَبَر وَأيهمَا كَانَ اقْتضى دُخُول الْمُسْتَثْنى فِي اللَّفْظ حِين نصرفه عَنهُ فِي قَول بَعضهم وثنى الْخَبَر بعد الْخَبَر فِي قَول الْبَعْض
وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ حسن الِاسْتِثْنَاء لجَوَاز أَن يكون دخلا فِي اللَّفْظ لوَجَبَ أَن يَصح من النكرات كَمَا يَصح من المعارف الْمُقْتَضِيَة للْجِنْس فَلَمَّا لم يحسن ذَلِك فِي النكرات دلّ على بطلَان مَا ذَكرُوهُ
وَأَيْضًا هُوَ أَنه إِذا قَالَ لرجل من عنْدك حسن أَن يُجيب بِكُل وَاحِد من
1 / 108