Tabsira Fi Usul Fiqh
التبصرة في أصول الفقه
Investigator
محمد حسن هيتو
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
1403 AH
Publisher Location
دمشق
لنا أَنه لَو ترك الْجَمِيع لم يُعَاقب إِلَّا على وَاحِد مِنْهَا وَلَو كَانَ الْجَمِيع وَاجِبا لعوقب على الْكل أَلا ترى أَن الصَّلَوَات الْخمس لما كَانَت وَاجِبَة عُوقِبَ على ترك الْجَمِيع
فَإِن قيل إِنَّمَا عُوقِبَ على الْجَمِيع فِيمَا ذكرْتُمْ لِأَن الْجَمِيع وَاجِب على طَرِيق الْجمع وَلَيْسَ كَذَلِك هَاهُنَا فَإِن الْجَمِيع وَاجِب على طَرِيق التَّخْيِير فَلم يسْتَحق الْعقُوبَة على الْجَمِيع
قُلْنَا لَو كَانَ الْجَمِيع وَاجِبا لَاسْتَحَقَّ الْعقُوبَة على الْجَمِيع وَإِن لم يكن على سَبِيل الْجمع
أَلا ترى أَن فرض الْكِفَايَة لما كَانَ وَاجِبا على الكافة اسْتحق الْكل الْعقُوبَة على تَركه وَإِن لم يلْزمهُم ذَلِك على سَبِيل الْجمع
وَأَيْضًا فَإِن التَّخْيِير ثَبت بِمرَّة بِعُمُوم اللَّفْظ وَمرَّة بِخُصُوصِهِ وَالنَّص عَلَيْهِ ثمَّ ثَبت أَن الثَّابِت بِالْعُمُومِ لَا يُوجب جَمِيع مَا هُوَ مُخَيّر فِيهِ وَهُوَ إِذا قَالَ اقْتُل رجلا من الْمُشْركين وَأعْتق رَقَبَة وَهُوَ يقدر على رجال كثير ورقاب كَثِيرَة كَذَلِك الثَّابِت بِالصَّرِيحِ وَالنَّص لَا يُوجب مَا هُوَ مُخَيّر فِيهِ
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَا مزية لبعضها على بعض فَوَجَبَ أَن يَسْتَوِي الْجَمِيع فِي الْوُجُوب كَمَا لَو أَمر بِفعل الْجَمِيع من غير تَخْيِير
وَالْجَوَاب هُوَ أَن اسْتِوَاء الْجَمِيع لَا يُوجب اسْتِوَاء الْوُجُوب أَلا ترى أَنه لم يُوجب استواءه فِي الْعقَاب فَكَذَلِك لَا يُوجب استواءه فِي الْوُجُوب
وَيُخَالف هَذَا مَا أَمر بِفِعْلِهِ من غير تَخْيِير فَإِن هُنَاكَ لما وَجب الْجَمِيع عُوقِبَ على ترك الْجَمِيع
وَفِي مَسْأَلَتنَا لما لم يُعَاقب على ترك الْجَمِيع لم يجب الْجَمِيع
وَلِأَن اسْتِوَاء الْجَمِيع على وَجه التَّخْيِير مُخَالف لاستوائه على وَجه الْجمع
أَلا ترى أَنه مَا وَجب الْجمع فِيهِ بِلَفْظ الْعُمُوم يجب الْجمع وَهُوَ إِذا قَالَ
1 / 71