Al-Tabsira fī uṣūl al-fiqh
التبصرة في أصول الفقه
Editor
محمد حسن هيتو
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
1403 AH
Publisher Location
دمشق
Genres
Jurisprudence
وَقَالَ عُبَيْدَة السَّلمَانِي لعَلي ﵇ رَأْيك مَعَ الْجَمَاعَة أحب إِلَيْنَا من رَأْيك وَحدك وَغير ذَلِك من الْمَوَاضِع الَّتِي أظهرُوا فِيهَا الْخلاف وَلم يحتشموا الْقَائِل
وَأما ابْن عَبَّاس فقد أغْلظ فِي الْإِنْكَار وشدد فِي القَوْل فَروِيَ أَنه قَالَ أول من أعال الفرائص عمر ﵁ وأيم الله لَو قدم من قدمه الله وَأخر من أَخّرهُ الله لما عالت فَرِيضَة قطّ قَالَ لَهُ زفر بن قيس مَا مَنعك أَن تُشِير بِهَذَا على عمر فَقَالَ هِبته وَكَانَ أمرا مهيبا وَمثل هَذَا الْإِنْكَار إِنَّمَا هابه أَن يواجهه بِهِ لَا سِيمَا وَابْن عَبَّاس كَانَ صَغِير السن وَهُوَ أَيْضا من أَصْحَابه
وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ لَا يظهره للهيبة لأظهره بعد ذَلِك كَمَا أظهر ابْن عَبَّاس ﵁
وَلَا يجوز أَن يكون لاعْتِقَاده أَن كل مُجْتَهد مُصِيب لِأَنَّهُ لم يكن فِي الصَّحَابَة من يذهب إِلَى هَذَا بل كَانَ مَذْهَبهم أَن الْحق فِي وَاحِد وَلِهَذَا خطأ بَعضهم بَعْضًا
وَلِأَن الْعَادة مَعَ هَذَا الِاعْتِقَاد إِظْهَار الْخلاف فَدلَّ على بطلَان مَا قَالُوهُ
وَاحْتج أَبُو عَليّ بن أبي هُرَيْرَة بِأَنَّهُ إِذا كَانَ ذَلِك قَضَاء من حَاكم لم يدل السُّكُوت على الرِّضَا لِأَن فِي الْإِنْكَار افتياتا عَلَيْهِ
ولأنا نحضر مجَالِس الْحُكَّام فنراهم يقضون بِخِلَاف مذاهبنا فَلَا ننكره وَلَا يدل ذَلِك على الرِّضَا
وَالْجَوَاب هُوَ أَن الْعَادة قد جرت عِنْد الْحُكَّام إِظْهَار الْخلاف وَالَّذِي يدل عَلَيْهِ أَن الصَّحَابَة قد كَانَ يحضر بَعضهم بَعْضًا عِنْد الحكم فينكر مَا يحكم إِذا كَانَ مُخَالفا لما يَعْتَقِدهُ
وَأما سكوتنا عَن إِظْهَار الْخلاف عِنْد الْحَاكِم فَلِأَن الْخلاف قد ظهر وَعرف فَلَا يُعَاد اكْتِفَاء بِمَا تقدم وَلِهَذَا نحضر مجَالِس الْفُقَهَاء أَيْضا فنراهم يفتون بمذاهبهم فَلَا ننكر وَلَا يدل ذَلِك على أَن السُّكُوت عِنْد الْفتيا يدل على الرِّضَا وَلَكنَّا نسكت عَن الْخلاف اكْتِفَاء بِمَا عرف من الْخلاف الْمُتَقَدّم وَأما عِنْد نزُول النَّوَازِل فَلَا بُد من إِظْهَار الْخلاف من طَرِيق الْعَادة فَبَطل مَا قَالُوهُ
1 / 394