Al-Tabsira fī uṣūl al-fiqh
التبصرة في أصول الفقه
Investigator
محمد حسن هيتو
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
1403 AH
Publisher Location
دمشق
Genres
Jurisprudence
اتّفق الْجَمِيع على إِيجَاب الْمصير إِلَى الْإِجْمَاع وعصمة الْأمة من الْخَطَأ وَصَارَ ذَلِك مُوجبا للْعلم وَبِهَذَا الطَّرِيق علمنَا شجاعة عَليّ ﵇ وسخاء حَاتِم وفصاحة الجاحظ فَإِن الْأَخْبَار قد كثرت عَنْهُم فِي الدّلَالَة على هَذِه الْمعَانِي فَأوجب لنا الْعلم بِتِلْكَ كَذَلِك هَاهُنَا
وَلِأَنَّهُ لَا يجوز أَن تكون هَذِه الْأَخْبَار على كثرتها كلهَا كذبا كَمَا أَن الْخلق الْعَظِيم إِذا أخبروا عَن اعْتِقَاد الْإِسْلَام لم يجز أَن يَكُونُوا كلهم كفَّارًا قد أبطنوا الْكفْر وأظهروا الْإِسْلَام بل يجب أَن يكون فيهم من يصدق فِي خَبره وَكَذَلِكَ هَاهُنَا يجب أَن يكون فِي جمَاعَة هَذِه الْأَخْبَار الْكَثِيرَة خبر وَاحِد صَحِيح وَإِذا ثَبت صِحَة خبر مِنْهَا وَجب الْمصير إِلَيْهِ وَالْعَمَل بِهِ
وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى ﴿فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول﴾ وَلم يَأْمر بِالرَّدِّ إِلَى الْإِجْمَاع وعندكم يرد إِلَى إِجْمَاع من تقدم
قُلْنَا الْآيَة دلَالَة لنا لِأَنَّهُ شَرط فِي الرَّد إِلَى الْكتاب وَالسّنة وجود الشَّارِع فَدلَّ على أَن دَلِيل الحكم عِنْد عدم الشَّارِع هُوَ الْإِجْمَاع إِذْ لَا بُد للْحكم من دلَالَة
وَلِأَن الرُّجُوع إِلَى الْإِجْمَاع رد إِلَى الْكتاب وَالسّنة وَقد بَيناهُ
وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ أَن النَّبِي ﵇ لما بعث معَاذًا إِلَى الْيمن قَالَ لَهُ بِمَ تقضي قَالَ بِكِتَاب الله قَالَ فَإِن لم تَجِد قَالَ بِسنة رَسُول الله ﷺ قَالَ فَإِن لم تَجِد قَالَ أجتهد رَأْيِي وَلم يذكر الْإِجْمَاع
وَالْجَوَاب هُوَ أَن هَذَا كَانَ فِي زمَان النَّبِي ﵇ وَلَا إِجْمَاع فِي زَمَانه فَلهَذَا لم يذكرهُ
1 / 356