Al-Tabsira fī uṣūl al-fiqh
التبصرة في أصول الفقه
Editor
محمد حسن هيتو
Publisher
دار الفكر
Edition Number
الأولى
Publication Year
1403 AH
Publisher Location
دمشق
Genres
Jurisprudence
ثمَّ قَالَ ﴿فبعزتك لأغوينهم أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين﴾ فاستثنى الغاوين من الْعباد والعباد من الغاوين وَأيهمَا كَانَ أَكثر فقد اسْتَثْنَاهُ من الآخر فَدلَّ على جَوَازه
وَلِأَنَّهُ معنى يخرج من الْعُمُوم مَا لولاه لدخل فَجَاز فِي الْأَكْثَر كالتخصيص وَلِأَنَّهُ اسْتثِْنَاء بعض مَا اقْتَضَاهُ الْعُمُوم فصح كالأقل
وَاحْتَجُّوا بِأَن طَرِيق الِاسْتِثْنَاء اللُّغَة وَلم يسمع ذَلِك فِي الْأَكْثَر فَوَجَبَ أَن لَا يجوز
قُلْنَا لَا نسلم بل قد سمع ذَلِك فِي اللُّغَة قَالَ الشَّاعِر
أَدّوا الَّتِي نقضت تسعين من مائَة ... ثمَّ ابْعَثُوا حكما بِالْحَقِّ قوالا
وَهَذَا فِي معنى الِاسْتِثْنَاء لِأَنَّهُ تَقْدِيره مائَة إِلَّا تسعين
وَلِأَنَّهُ وَإِن لم يسمع من أهل اللُّغَة إِلَّا أَن الْقُرْآن قد نزل بِهِ على مَا بَيناهُ وَالْقُرْآن أقوى مَا رَجَعَ إِلَيْهِ فِي معرفَة اللُّغَة
وَلِأَنَّهُ لَو لم يسمع لَكَانَ ذَلِك فِي معنى المسموع لِأَن الْقَصْد من الِاسْتِثْنَاء الِاسْتِدْرَاك على نَفسه فِيمَا أوردهُ من القَوْل وَذَلِكَ مَوْجُود فِي الْقَلِيل وَالْكثير فَكَانَ حكم أَحدهمَا كَحكم الآخر يبين صِحَة هَذَا هُوَ أَنا لم نسْمع مِنْهُم الِاسْتِثْنَاء فِي كل جنس وَفِي كل عدد لَكِن لما عرفنَا غرضهم فِيمَا سمعناه من كَلَامهم حملنَا عَلَيْهِ كل عدد وكل جنس فَكَذَلِك هَاهُنَا
قَالُوا وَلِأَن كَلَام الْعَرَب مَوْضُوع على الِاخْتِصَار وَلَيْسَ من الِاخْتِصَار أَن يَقُول لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا تِسْعَة وَنصفا ويمكنه أَن يَقُول عَليّ نصف دِرْهَم
قُلْنَا هم يبسطون الْكَلَام تَارَة ويختصرونه أُخْرَى وَلَهُم بِالْجَمِيعِ عَادَة فَلَا يجوز إِسْقَاط إِحْدَى العادتين بِالْأُخْرَى
1 / 169