86

Al-tabṣīr fī al-dīn wa-tamyīz al-firqa al-nājiya ʿan al-firaq al-hālikīn

التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

Investigator

كمال يوسف الحوت

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publication Year

1403 AH

Publisher Location

لبنان

الْبَاب التَّاسِع فِي تَفْصِيل مقالات الْجَهْمِية وَبَيَان فضائحهم
وهم أَتبَاع جهم بن صَفْوَان وَكَانَ من مذْهبه أَن لَا اختبار لشَيْء من الْحَيَوَانَات فِي شَيْء مِمَّا يجْرِي عَلَيْهِم فَإِنَّهُم كلهم مضطرون لَا استطاعة لَهُم بِحَال وَإِن كل من نسب فعلا إِلَى أحد غير الله فسبيله سَبِيل الْمجَاز وَهُوَ بِمَنْزِلَة قَول الْقَائِل سقط الْجِدَار ودارت الرَّحَى وَجرى المَاء وانخسفت الشَّمْس وَهَذَا القَوْل خلاف مَا تَجدهُ الْعُقَلَاء فِي أنفسهم لِأَن كل من رَجَعَ إِلَى نَفسه يفرق فِي نَفسه بَين مَا يرد عَلَيْهِ من أَمر ضَرُورِيّ لَا اخْتِيَار لَهُ فِيهِ وَبَين مَا يختاره ويضيفه إِلَى نَفسه كَمَا ان كل عَاقل يفرق بَين كل حَرَكَة ضَرُورِيَّة كحركة المرتعش وحركة الْمُخْتَار يجد الْعَاقِل فِي نَفسه فرقا بَينهمَا وَمن أنكر هَذِه التَّفْرِقَة لم يعد من الْعُقَلَاء وكل مَا ورد فِي الْقُرْآن من قَوْله يعْملُونَ ويعقلون ويكسبون ويصنعون حجَّة عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿كل نفس بِمَا كسبت رهينة﴾ وَلَو لم يكن للْعَبد اخْتِيَار كَانَ الْخطاب مَعَه محالا وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب عَنهُ ساقطين كالجمادات فقد رد الله تَعَالَى على الجبرية والقدرية فِي آيَة وَاحِدَة حَيْثُ قَالَ ﴿وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى﴾ وَمَعْنَاهُ

1 / 107