76

Tabsir Fi Din

التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

Investigator

كمال يوسف الحوت

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publication Year

1403 AH

Publisher Location

لبنان

فأجب كَمَا تجيب الْيَهُود وَقل وَعَلَيْك وَقد بَين الله تَعَالَى الرَّد عَلَيْهِم بأشفى بَيَان فِي قَوْله ﴿وَلَو شَاءَ الله مَا اقتتل الَّذين من بعدهمْ من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَينَات وَلَكِن اخْتلفُوا فَمنهمْ من آمن وَمِنْهُم من كفر وَلَو شَاءَ الله مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِن الله يفعل مَا يُرِيد﴾ فَبين أَن الْأُمُور كلهَا بِمَشِيئَة الله تَعَالَى وإرادته وَقد أورد أَبُو الْقَاسِم بن حبيب فِي تَفْسِيره بِإِسْنَادِهِ أَن عَليّ بن أبي طَالب ﵁ سَأَلَهُ سَائل عَن الْقدر فَقَالَ طَرِيق دَقِيق لَا تمش فِيهِ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَخْبرنِي عَن الْقدر فَقَالَ بَحر عميق لَا تخض فِيهِ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَخْبرنِي عَن الْقدر فَقَالَ سر خَفِي لله لَا تفشه فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَخْبرنِي عَن الْقدر فَقَالَ عَليّ ﵁ يَا سَائل إِن الله تَعَالَى خلقك كَمَا شَاءَ أَو كَمَا شِئْت فَقَالَ كَمَا شَاءَ قَالَ إِن الله تَعَالَى يَبْعَثك يَوْم الْقِيَامَة كَمَا شِئْت أَو كَمَا يَشَاء فَقَالَ كَمَا يَشَاء فَقَالَ يَا سَائل لَك مَشِيئَة مَعَ الله أَو فَوق مَشِيئَته أَو دون مَشِيئَته فَإِن قلت مَعَ مَشِيئَته ادعيت الشّركَة مَعَه وَإِن قلت دون مَشِيئَته اسْتَغْنَيْت عَن مَشِيئَته وَإِن قلت فَوق مشيئتة كَانَت مشيئتك غالبة على مَشِيئَته ثمَّ قَالَ أَلَسْت تسْأَل الله الْعَافِيَة فَقَالَ نعم فَقَالَ فَعَن مَاذَا تسأله الْعَافِيَة أَمن بلَاء هُوَ ابتلاك بِهِ أَو من بلَاء غَيره ابتلاك بِهِ قَالَ من بلَاء ابتلاني بِهِ فَقَالَ أَلَسْت تَقول لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم قَالَ بلَى قَالَ تعرف تَفْسِيرهَا فَقَالَ لَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلمنِي مِمَّا علمك الله فَقَالَ تَفْسِيره إِن العَبْد لَا قدرَة لَهُ على طَاعَة الله وَلَا على مَعْصِيَته إِلَّا بِاللَّه ﷿ يَا سَائل إِن الله يسقم ويداوي مِنْهُ الدَّاء وَمِنْه الدَّوَاء اعقل عَن الله فَقَالَ السَّائِل عقلت فَقَالَ لَهُ إِلَّا صرت مُسلما قومُوا إِلَى أخيكم الْمُسلم وخذوا بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ عَليّ لَو وجدت رجلا من أهل الْقدر لأخذت بعنقه وَلَا أَزَال أضربه حَتَّى أكسر عُنُقه فَإِنَّهُم يهود هَذِه الْأمة
وَقد قَالَ الشَّافِعِي ﵀ فِي هَذَا الْمَعْنى الَّذِي إِلَيْهِ أَشَارَ أَمِير الْمُؤمنِينَ
(مَا شِئْت كَانَ وَإِن لم أشا ... وَمَا شِئْت إِن لم تشأ لم يكن)

1 / 94