131

Al-tabṣīr fī al-dīn wa-tamyīz al-firqa al-nājiya ʿan al-firaq al-hālikīn

التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

Editor

كمال يوسف الحوت

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publication Year

1403 AH

Publisher Location

لبنان

مَا ثَبت بِوَصْف الْخلق من غير خَالق خلق وَلَا صانع دبر وصنع وَأَنت تعلم أَيْضا أَن خَالق الْخلق قديم لِأَنَّهُ لَو كَانَ مُحدثا لافتقر إِلَى مُحدث وَكَانَ حكم الثَّانِي وَالثَّالِث وَمَا انْتهى إِلَيْهِ كَذَلِك وَكَانَ كل خَالق يفْتَقر إِلَى خَالق آخر لَا إِلَى نِهَايَة وَكَانَ يَسْتَحِيل وجود الْمَخْلُوق والخالق جَمِيعًا لِأَن مَا شَرط وجوده بِوُجُود مَا لَا نِهَايَة لَهُ من الْأَعْدَاد قبله لم يَتَقَرَّر وجوده لِاسْتِحَالَة الْفَرَاغ عَمَّا لَا نِهَايَة لَهُ لتنتهي النّوبَة إِلَى مَا بعد وأصل هَذِه الدّلَالَة فِي الْقُرْآن وَهُوَ قَوْله هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم فَبين أَنه كَانَ قبل مَا يشار إِلَيْهِ بِأَنَّهُ مُحدث وَقَوله تَعَالَى ﴿الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم﴾ والقيوم مُبَالغَة من الْقيام وَهُوَ الثَّبَات والوجود وَهَذَا دَلِيل على اتصافه بالوجود فِي جَمِيع الْأَحْوَال وَأَنه لَا يجوز وَصفه بِالْعدمِ بِحَال وَذَلِكَ حَقِيقَة الْقدَم وَقَوله تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك وَهُوَ على كل شَيْء قدير و﴿تبَارك الَّذِي نزل الْفرْقَان على عَبده ليَكُون للْعَالمين نذيرا﴾ فَإِن الْبركَة هِيَ الثَّبَات وَأَصله من البرك وَالْبركَة والبروك وتبارك مُبَالغَة فِي مَعْنَاهُ وَهَذَا يُوجب لَهُ الْوُجُود فِي جَمِيع الْأَحْوَال لم يزل وَلَا يزَال وَقد ورد فِي خبر عمرَان بن حُصَيْن أَن النَّبِي ﷺ قَالَ كَانَ الله وَلم يكن مَعَه شَيْء وَهَذَا يُوجب الْكَوْن فِي جَمِيع الْأَحْوَال
٣ - وَأَن تعلم أَن خَالق الْعَالم وَاحِد لِأَنَّهُ لَو كَانَ اثْنَيْنِ وَلم يقدر أَحدهمَا على كتمان شَيْء من صَاحبه كَانَت قدرتهما نَاقِصَة متناهية وَأَن قدر أَحدهمَا على كتمان شَيْء من صَاحبه كَانَ علم كل وَاحِد مِنْهُمَا نَاقِصا متناهيا وَمن كَانَ علمه أَو قدرته متناهيا نَاقِصا لم يكن إِلَهًا صانعا بل كَانَ مخلوقا مصنوعا وَقد نبه الله على هَذِه

1 / 155