119

Al-tabṣīr fī al-dīn wa-tamyīz al-firqa al-nājiya ʿan al-firaq al-hālikīn

التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين

Editor

كمال يوسف الحوت

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publication Year

1403 AH

Publisher Location

لبنان

الْعجلِيّ وقواد عبد الله بن طَاهِر وهزموا بابك الخرمي وأسروه وصلب بسر من رأى سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
وَذكر أهل التواريخ إِن الَّذين وضعُوا دين الباطنية كَانُوا من أَوْلَاد الْمَجُوس وَكَانَ ميلهم إِلَى دين أسلافهم وَلَكنهُمْ لم يقدروا على إِظْهَاره مَخَافَة سيوف الْمُسلمين فوضعوا قَوَاعِد على مُوَافقَة أساس وضعوه حَتَّى تغتر بِهِ الإغمار وَذَلِكَ أَن الثنوية قَالُوا إِن للْعَالم صانعين أَحدهمَا النُّور يكون مِنْهُ الْخيرَات وَالْمَنَافِع وَالْآخر الظلمَة يكون مِنْهُ الشرور والمضار
وَقَالُوا إِن جملَة الْأَجْسَام امتزجت مِنْهُمَا ثمَّ قَالُوا إِن كل وَاحِد من هذَيْن الْأَصْلَيْنِ لَهُ طبائع أَرْبَعَة الْحَرَارَة والبرودة والرطوبة واليبوسة ثمَّ اقْتدى بهم الْمَجُوس وَقَالُوا إِن للْعَالم صانعين يَزْدَان واهرمن ثمَّ غيرت الباطنية عباراتهم فَقَالُوا إِن الله تَعَالَى خلق النَّفس وَكَانَ الله هُوَ الأول وَالنَّفس هُوَ الثَّانِي وَرُبمَا قَالُوا الْعقل هُوَ الأول وَالنَّفس هُوَ الثَّانِي وَزَعَمُوا أَن هذَيْن يدبران الْعَالم بتدبير الْكَوَاكِب السَّبْعَة والطبائع الْأَرْبَعَة وَهَذَا بِعَيْنِه قَول الْمَجُوس حَيْثُ قَالُوا أَن مُدبر الْعَالم إثنان أَحدهمَا قديم وَالْآخر حَادث حدث من فكرته إِلَّا أَن الْمَجُوس قَالُوا هما يَزْدَان واهرمن والباطنية قَالُوا هما الْعقل وَالنَّفس وَقد كَانَ مِنْهُم من جملَة البرامكة من سعى فِي إِظْهَار عبَادَة النَّار بَين الْمُسلمين فَقَالَ لهارون الرشيد يَنْبَغِي أَن ترَتّب فِي الْكَعْبَة إحراق الْعود والند ليَكُون ذَلِك اثرا زَائِدا على من قبلك وَأَرَادَ بذلك أَن يَجْعَل الْكَعْبَة بَيت نَار فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ عُلَمَاء زمانهم عرفُوا الْخَلِيفَة حَاله وصرفوه عَن ذَلِك الرَّأْي
وكما أَن الباطنية احْتَالُوا فِي أصُول الدّين احْتَالُوا فِي اختداع أتباعهم واستمالة قُلُوبهم فأباحوا لَهُم جملَة اللَّذَّات والشهوات وأباحوا لَهُم نِكَاح الْبَنَات وَالْأَخَوَات واسقطوا عَنْهُم فَرَائض الْعِبَادَات وتأولوا أَرْكَان الشَّرِيعَة فَقَالُوا معنى الْفَرَائِض مُوالَاة زعمائهم وأئمتهم وَمعنى الْمُحرمَات تَحْرِيم مُوالَاة أبي بكر وَعمر وكل من خَالف مَذْهَب الباطنية

1 / 142