133

Al-Sīra al-Ḥalabiyya Insān al-ʿUyūn fī Sīrat al-Amīn al-Maʾmūn

السيرة الحلبية إنسان العيون في سيرة الأمين المامون

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الثانية

Publication Year

1427 AH

Publisher Location

بيروت

واستفتي الحافظ ابن حجر عن بعض الوعاظ يذكر عند اجتماع الناس للمولد حادثات أي وقائع تتعلق به ﷺ جاءت بها الأخبار هي مخلة بالتعظيم حتى يظهر من السامعين لها حزن، فيبقى ﷺ في حيز من يرحم لا في حيز من يعظم.
من ذلك أنهم يقولون إن المراضع حضرن ولم يأخذنه لعدم ماله ونحو ذلك، فما قولكم في ذلك؟
فأجاب بما نصه: ينبغي لمن يكون فطنا أن يحذف من الخبر: أي الحديث ما يوهم في المخبر عنه نقصا ولا يضره ذلك، بل يجب كما وقع لإمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه حيث قال في بعض نصوصه «وقطع رسول الله ﷺ امرأة لها شرف فكلم فيه، فقال: لو سرقت فلانة لامرأة شريفة لقطعتها، يعني فاطمة بنت النبي ﷺ» فلم يصرح باسمها تأدبا معها أن تذكر في هذا المعرض. وإن كان ﷺ ذكرها- لأن ذلك منه ﷺ حسن دلّ على أن الخلق عنده ﷺ في الشرع سواء، فهذا من كمال أدب الإمام رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ونفعنا ببركاته: أي فإذا جاز حذف بعض الحديث الموهم نقصا في بعض أهل بيته، فما بالك بما يوهم النقص فيه ﷺ، وهذا من الحافظ يدل على أن إباء المراضع له ﷺ وارد حيث أقره ولم ينكره، والله أعلم.
قال: وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «كان أول كلام تكلم به ﷺ حين فطمته حليمة رضي الله تعالى عنها، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا» أي وقد تقدم أنه ﷺ تكلم بهذا عند خروجه من بطن أمه. وفي رواية «أوّل كلام تكلم ﷺ به في بعض الليالي: أي وهو عند حليمة: لا إله إلا الله قدوسا قدوسا نامت العيون والرحمن لا تأخذه سنة ولا نوم» وكان ﷺ لا يمس شيئا إلا قال بسم الله.
وعن حليمة ﵂ «لما دخلت به ﷺ إلى منزلي لم يبق منزل من منازل بني سعد إلا شممنا منه ريح المسك، وألقيت محبته ﷺ: أي واعتقاد بركته في قلوب الناس، حتى إنّ أحدهم كان إذا نزل به أذى في جسده أخذ كفه ﷺ فيضعها على موضع الأذى فيبرأ بإذن الله تعالى سريعا. وكذلك إذا اعتل لهم بعير أو شاة انتهى.
قالت حليمة: فقدمنا مكة على أمه ﷺ: أي بعد أن بلغ سنتين ونحن أحرص شيء على مكثه فينا لما نرى من بركته ﷺ، فكلمنا أمه وقلت لها: لو تركتي بنيّ عندي حتى يغلظ.
وفي كلام ابن الأثير: قلنا لها دعينا نرجع به هذه السنة الأخرى فإني أخشى

1 / 135