Al-Shāfiʿī ḥayātuh wa-ʿaṣruhu – ārāʾuhu wa-fiqhuhu
الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه
Publisher
دار الفكر العربي
Edition
الثانية
Publication Year
1398 AH
التى إليها كانت الهجرة، وبها نزل القرآن، وقد أصبت بالذى كتبت به بعد ذلك، إن شاء الله تعالى، ووقع منى بالموقع الذى تحب، وما أجد أحداً ينسب إليه العلم أكره لشواذ الفتيا، ولا أشد تفضيلاً لعلماء أهل المدينة الذين مضوا ولا آخذ لفتياهم فيما اتفقوا عليه منى، والحمد لله رب العالمين، ولا شريك له . وأما ما ذكرت من قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ونزول القرآن بها عليه بين ظهرانى أصحابه، وما علمهم الله منه، وإن الناس صاروا به تبعاً لهم فيه، فكما ذكرت، وأما ما ذكرت من قول الله تعالى: ((والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، رضى الله عنهم. ورضوا عنه. وأعد لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم)) فإن كثيراً من أولئك السابقين الأولين خرجوا إلى الجهاد فى سبيل الله ابتغاء مرضاة الله، فجندوا الأجناد، واجتمع إليهم الناس، فأظهروا بين ظهرانينهم كتاب الله وسنة نبيه. ولم يكتموهم شيئاً علموه، وكان فى كل جند منهم طائفة يعلمون كتاب الله وسنة نبيه، ويجتهدون برأيهم فيما لم يفسره لهم القرآن والسنة، وتقدمهم عليه أبو بكر وعمر وعثمان الذين اختارهم المسلمون لأنفسهم، ولم يكن أولئك الثلاثة مضيعين لأجناد المسلمين ولا غافلين عنهم، بل كانوا يكتبون فى الأمر اليسير لإقامة الدين، والحذر من الاختلاف - بكتاب الله وسنة نبيه. فلم يتركوا أمراً فسره القرآن. أو عمل به النبى صلى الله عليه وسلم أو ائتمروا فيه بعده، وإلا علموه وفهموه، فإذا جاء أمر عمل فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصر، والشام، والعراق على عهد أبى بكر وعمر وعثمان، ولم يزالوا عليه حتى قبضوا، لم يأمروهم بغيره فلا نراه يجوز لأجنادهم المسلمين أو يحدثوا اليوم أمراً لم يعمل به سلفهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم مع أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اختلفوا بعد فى الفتيا فى أشياء كثيرة، ولولا أنى قد عرفت أن قد علمتها، كتبت بها إليك، ثم اختلف التابعون فى أشياء بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - سعيد بن المسيب.
61