121

Al-Ṣāḥib waʾl-khalīfa Abū Bakr al-Ṣiddīq

الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق

Genres

الشورى في حياة المسلمين
الدرس الثالث والهام في هذه المجموعة: هو قضية الشورى في حياة المسلمين.
والشورى ليست أمرًا جانبيًا في حياة المسلمين، ولما وصف الله عباده المؤمنين في كتابه كان من صفاتهم الرئيسية: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى:٣٨].
وقد رأينا كيف اجتمع المسلمون في سقيفة بني ساعدة في اجتماع من اجتماعات الشورى الرائعة يقارعون الحجة بالحجة، والبرهان بالبرهان، والدليل بالدليل فإذا اجتمعوا على رأي واتفقوا عليه كان هذا الرأي هو رأي الجماعة الذي لا يُتّبع غيره ولا يُعلن سواه.
وما سمعنا عن رجل خرج من السقيفة وقال: لقد اتفقوا على كذا وكذا بينما كان رأيي كذا وكذا، أو قال: رأيي كان صوابًا ولم يأخذوا به.
فالمسلمون بعد الشورى لا يحدثون جيوبًا داخلية داخل صفهم، وما سمعنا عن رجل خرج من السقيفة يقول رأيًا مخالفًا لما اتفق عليه المسلمون بعد الشورى، وهذا هو عين الصواب.
وأيضًا هناك نقطة أخرى هامة جدًا في موضوع الشورى وهي: أن الشورى لا تكون في الأحكام التي جاءت من الله ﷿ أو من رسوله الكريم ﷺ، وهذا فرق هائل بين الديمقراطية والشورى.
فالديمقراطية كنظام يقوم على احترام آراء الأغلبية لا شك أنه نظام طيب بهذه النقطة، ويُعتبر من أفضل نظم الحكم في العالم الآن، لكن هناك فارق خطير بينها وبين الشورى وهو المرجعية، فنحن في شرعنا نرجع دائمًا إلى الكتاب والسنة، وهم في الديمقراطية يرجعون إلى حكم الشعب فقط، ونحن في شرعنا لا يجوز أن يجتمع الشعب على ما يخالف حكم الله ولا حكم رسوله، وقد رأينا في السقيفة أن الأنصار تم استثناؤهم بالكامل من الترشيح للخلافة لقول رسول الله ﷺ: (الأئمة من قريش)، مع أن الأنصار كانوا يملكون من الحجج والأدلة والبراهين ما يكفي للنقاش والجدال، بل والصراع لشهور وسنوات، ولكن إذا كان الله قال أو إذا كان الرسول ﷺ قال فلا مجال إلا للطاعة، ولا مكان للشورى في هذا الرأي.
إذًا: درس الشورى في هذه المجموعة من أعظم الدروس المستفادة.

12 / 8