Al-Sabr in Hadith Studies
السبر عند المحدثين
Publisher
مكتبة دار البيان
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Publisher Location
دمشق
Genres
قال ابنُ معينٍ «ت ٢٣٢ هـ»: «قَالَ لِي إِسْمَاعِيلُ بنُ عُلَيَّةَ يَومًَا: كَيفَ حَدِيثِي؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ مُسْتَقِيمُ الحَدِيثِ، قَالَ: فَقَالَ لِي: وَكَيفَ عَلِمْتُمْ ذَلِكَ؟ قُلْتُ لَهُ: عَارَضْنَا بِهَا أَحَادِيثَ النَّاسِ، فَرَأَينَاهَا مُسْتَقِيمَةً» (^١).
أمَّا إذا كانَ الرَّاوي أقلَّ من الثِّقةِ رُتبةً، وأعلى منْ شديدِ الضَّعفِ، أي: محتملَ الضَّعفِ فهذا يُكتبُ حديثُهُ للاعتبارِ، ومعنى ذلكَ: أنَّ مروياتِهِ لا تُطرحُ ولا تُردُّ جملةً، وإنَّما تُكتبُ للنَّظرِ فيهَا ومعارضتِهَا بأحاديثِ الثِّقاتِ، فما وافقَ منها قُبِلَ، وما خالفَ منها رُدَّ، ومنهُ قولهم في مرويَّاتِ الرَّاوي: «اعْتَبَرْتُ حَدِيثَهُ فَوَجَدْتُّهُ صَالِحَ الحَدِيثِ، وَلَمْ أَجِدْ فِي حَدِيثِهِ حَدِيثًَا مُنْكَرًَا» (^٢).
وبهذا نُدركُ أهميَّة السَّبرِ عندَ المحدثينَ، كأساسٍ يقومُ عليهِ عملُهُم في التَّصحيحِ والتَّضعيفِ، والجرحِ والتعديلِ، فمدارُ هذا العلمِ عليهِ، وعمودُهُ الفِقريُّ الذي يقومُ بهِ.
قالَ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ»: «وَعَجِيبٌ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ عَنِ الحَدِيثِ فَيَرُدُّ مَا فِيهِ صِرِيحًَا بِالأَمْرِ المُحْتَمَلِ، وَمَا سَبَبُ ذَلِكَ إِلَّا إِيثَارُ الرَّاحَةِ بِتَرْكِ تَتَبُّعِ طُرُقِ الحَدِيثِ، فَإِنَّهَا طَرِيقٌ تُوصِلُ إِلَى الوُقُوفِ عَلَى المُرَادِ غَالِبًَا» (^٣).
* * *
(^١) معرفة الرجال ٢/ ٣٩. (^٢) انظر الكامل لابن عدي ٤/ ٨٢. وسيأتي تفصيل من يكتب حديثه من الرواة للاعتبار، والمرويات الصالحة للاعتبار في مبحث «أثر السبر في الحكم على مرويات الرجال». انظر ص (^٣) فتح الباري ١٢/ ٢٢٢.
1 / 67