90

Al-qawāʿid al-nūrāniyya al-fiqhiyya

القواعد النورانية الفقهية

Editor

د أحمد بن محمد الخليل

Publisher

دار ابن الجوزي

Edition Number

الأولى

Publication Year

1422 AH

الْكُوفَةِ الْمَشْهُورِينَ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ عبد الله، وَقِيلَ: إِنَّمَا تَلَقَّاهُ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ؛ فَلِهَذَا تَمَسَّكَ الْفُقَهَاءُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي التَّسْبِيحَاتِ لِمَا لَهُ مِنَ الشَّوَاهِدِ، حَتَّى صَارُوا يَقُولُونَ فِي الثَّلَاثِ: إِنَّهَا أَدْنَى الْكَمَالِ أَوْ أَدْنَى الرُّكُوعِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَعْلَاهُ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا.
فَقَوْلُ مَنْ يَقُولُ مِنَ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ السُّنَّةَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ مِنْ أَصْلِ الشَّافِعِيِّ وأحمد ﵄ وَغَيْرِهِمْ، هُوَ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُطِيلَ الِاعْتِدَالَ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَوْ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الَّذِينَ قَالُوا هَذَا لَيْسَ مَعَهُمْ أَصْلٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ مِنَ السُّنَّةِ أَصْلًا، بَلِ الْأَحَادِيثُ الْمُسْتَفِيضَةُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ الثَّابِتَةُ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ وَغَيْرِهَا تُبَيِّنُ أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُسَبِّحُ فِي أَغْلَبِ صَلَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ دَلَالَةُ الْأَحَادِيثِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ هَذَا قَالُوهُ لَمَّا سَمِعُوا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: " «إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ، وَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» " وَلَمْ يَعْرِفُوا مِقْدَارَ [التَّطْوِيلِ] وَلَا عَلِمُوا التَّطْوِيلَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ لَمَّا قَالَ لمعاذ: " «أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا معاذ»؟ " فَجَعَلُوا هَذَا بِرَأْيِهِمْ قَدْرًا لِلْمُسْتَحَبِّ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مِقْدَارَ الصَّلَاةِ - وَاجِبِهَا وَمُسْتَحَبِّهَا - لَا يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى غَيْرِ السُّنَّةِ، فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي لَمْ يَكِلْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَى آرَاءِ الْعِبَادِ؛ إِذِ النَّبِيُّ ﷺ كَانَ يُصَلِّي بِالْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، وَكَذَلِكَ خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ الَّذِينَ أَمَرَنَا بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ، فَيَجِبُ الْبَحْثُ عَمَّا سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ فِيهِ حُكْمٌ بِالرَّأْيِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ اجْتِهَادُ الرَّأْيِ فِيمَا لَمْ تَمْضِ بِهِ سُنَّةٌ عَنْ

1 / 110