Qawacid Nuraniyya
القواعد النورانية الفقهية
Investigator
د أحمد بن محمد الخليل
Publisher
دار ابن الجوزي
Edition Number
الأولى
Publication Year
1422 AH
Genres
Jurisprudential Rules
[النِّسَاءِ: ١٣٥] فَيَعُمَّ أَفْعَالَهَا، وَيَقْتَضِي الدَّوَامَ فِي أَفْعَالِهَا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ: الْقِيَامَ الْمُخَالِفَ لِلْقُعُودِ، فَهَذَا يَعُمُّ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَمَا بَعْدَهُ، وَيَقْتَضِي الطُّولَ وَهُوَ الْقُنُوتُ الْمُتَضَمِّنُ لِلدُّعَاءِ، كَقُنُوتِ النَّوَازِلِ وَقُنُوتِ الْفَجْرِ عِنْدَ مَنْ يَسْتَحِبُّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِ.
وَإِذَا ثَبَتَ وُجُودُ هَذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الطُّمَأْنِينَةِ فِي سَائِرِ الْأَفْعَالِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى
وَيُقَوِّي الْوَجْهَ الْأَوَّلَ: حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ قَالَ: " «كَانَ أَحَدُنَا يُكَلِّمُ الرَّجُلَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَنَزَلَتْ ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٨] قَالَ: فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ» " حَيْثُ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ السُّكُوتَ عَنْ خِطَابِ الْآدَمِيِّينَ وَاجِبٌ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ الْأَمْرَ بِالْقُنُوتِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ، وَدَلَّ الْأَمْرُ بِالْقُنُوتِ عَلَى السُّكُوتِ عَنْ مُخَاطَبَةِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْقُنُوتَ هُوَ دَوَامُ الطَّاعَةِ، فَالْمُشْتَغِلُ بِمُخَاطَبَةِ الْعِبَادِ تَارِكٌ لِلِاشْتِغَالِ بِالصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَطَاعَتُهُ، فَلَا يَكُونُ مُدَاوِمًا عَلَى طَاعَتِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَمَّا سُلِّمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرُدَّ بَعْدَ أَنْ كَانَ يَرُدُّ: " «إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» " فَأَخْبَرَ أَنَّ فِي الصَّلَاةِ مَا يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ عَنْ مُخَاطَبَةِ النَّاسِ، وَهَذَا هُوَ الْقُنُوتُ فِيهَا، وَهُوَ دَوَامُ الطَّاعَةِ؛ وَلِهَذَا جَازَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ تَنْبِيهُ النَّاسِي لِمَا هُوَ مَشْرُوعٌ فِيهَا مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَشْغَلُهُ عَنْهَا، وَلَا يُنَافِي الْقُنُوتَ فِيهَا
1 / 69