11

Al-qāʿida al-kulliyya iʿmāl al-kalām awlā min ihmālihi wa-atharuhā fī al-uṣūl

القاعدة الكلية إعمال الكلام أولى من إهماله وأثرها في الأصول

Publisher

المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر

Edition Number

الأولى

Publication Year

1406 AH

Publisher Location

بيروت

المصنفات والمطولات ، حتى شهدت القرون الثلاثة الأولى وما أعقبها، حركة علمية عظيمة تنوعت فيها هذه العلوم، حيث ظهر على وجه الأرض علم الحديث وما يندرج تحته من الرواية، والدراية، كما ظهر علم القرآن والتفسير وما يدخل تحت هذا العلم من مسائل في علوم القرآن، والقراءات، ومعاني القرآن، وبوجود هذين النوعين من العلوم ظهرت أنواع أخرى من العلوم منها علم الفقه والأصول أو ما يسمى بعلم الاستنباط، وهذان النوعان من أجل العلوم حيث إنهما يتصلان بكتاب الله، وسنة رسوله ﷺ في صلة الاستنباط، والفهم لمعانيها والشرح والتفسير لأحكامهما، وإذا كانت النصوص من الكتاب والسنة قد نوهت بفضل العلم وحثت على طلبه، فهي خاصة بتفضيل علوم الشريعة ومن أجلَّها علمُ الفقه الذي قال عنه سيد الأنام محمد ﷺ ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) ولأن علم الفقه يعتبر خلاصة الفهم للكتاب والسنة.

ولقد اختص الله هذه الأمة بخصوصيات كثيرة منها هذه العلوم التي حفظ الله بها هذا الدين، وكان ذلك بفضل الله ثم بفضل علمائنا الأبرار الأطهار الذين لم يتركوا ساعة من ليل أو نهار إلا وأمضوها بالعلم، والاستنباط حتى ملأوا الأرض بعلومهم، ومصنفاتهم في شتى العلوم والفنون فجزاهم الله خير الجزاء وأسكنهم فسيح جناته، مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

وبسبب هذه الحركة العلمية النشيطة تكونت عند علمائنا مجموعة ضخمة من العلوم وبخاصة علوم الفقه، وكثرت المسائل والفروع في شتى الوقائع ثم ظهرت المذاهب الفقهية، وذلك منذ القرن الثاني والثالث الهجريين. وأصبح لكل مذهب من المذاهب الفقهية رجاله الخاصون به وطبقاته الذين ينقحونه ويرجحون بين مسائله ويجتهدون في بعض فروعه. وقد أخذ التصنيف في هذه الفترة شكل الفقه المذهبي حيث كانت الدراسة في كل مذهب من المذاهب الفقهية مقتصرة على مذهب معين وفي ضمن حدود دائرته إلا بعض الإشارات العابرة للمذاهب الأخرى في بعض الفروع والمسائل الجزئية. وبعد ذلك ظهر نوع آخر من علوم الفقه هو علم الخلاف الذي وضعه الإمام أبو زيد الدبوسي الحنفي رحمه الله تعالى.

وهذه العلوم الفقهية بنوعيها المذهبي منها، والخلافي لا يعدو كونُ كلِ نوع منها فروعاً ومسائل متشعبة ومتشابهة فضلاً عن أنها كثيرة بل وغير محدودة، ومتجددة بتجدد الأيام والأحداث، وإنَّ على المشتغل بها أن يعتمد في ضبطها على محض الحفظ والذاكرة، وعليه أن يحفظ فروعاً غير متناهية في كل باب من أبواب الفقه، وهذا أمر عسير جداً إذا لم نقل إنه مستحيل ومن هنا فكر الفقهاء في ردّ الفقه كله إلى قواعد تجمع شتاته وتؤلف بين متشابهه.

9