146

al-naẓariyyāt al-fiqhiyya

النظريات الفقهية

Publisher

دار القلم والدار الشامية

Edition

الأولى

Publication Year

1414 AH

Publisher Location

بيروت

الأهلية إلا بعد الاحتلام، وهذا عند الشاب، ويقابله الحيض عند الفتاة لقوله ﷺ: ((لا يَقْبَل الله صلاةَ حائضٍ إلا بخِمارٍ))(١)، أي لا يقبل صلاة المرأة البالغة التي وصلت إلى سن المحيض إلا بستر الشعر، فعلق الحكم على بلوغ سن المحيض، واستعمل اللفظ المشتق وهو اسم الفاعل، وتعليق الحكم بالمشتق يؤذن بعلة الحكم.

فإن تأخر النضج الجسمي، ولم تظهر علامات البلوغ الطبيعية بالاحتلام أو الحيض فيقدر البلوغ بالسن.

ولكن الأئمة اختلفوا في التقدير بالسن، فذهب الجمهور، وهم الشافعية والحنابلة والمالكية والصاحبان من الحنفية والمتأخرون في المذهب الحنفي، وهو المفتى به عندهم، ذهبوا إلى أن سن البلوغ هي خمس عشرة سنة للصبي والفتاة، بينما قدره الإِمام أبو حنيفة بسبعة عشرة سنة للأنثى وثماني عشرة سنة للصبي، وسوَى ابن حزم السن بين الرجل والمرأة، وأنه تمام الثماني عشرة سنة(٢).

والبلوغ بالعلامات أو السن ليس مقصوداً لذاته، وإنما وضع علامة على وجود العقل، وتوفر الإدراك والتمييز والوعي؛ لأن الغالب أن يقترن البلوغ بالعقل، فإن تحقق البلوغ وتخلف الأصل بأن يبلغ الشخص جسمياً مع فقدان العقل فلا تثبت له أهلية الأداء الكاملة، ولا يكلف بالأحكام الشرعية، كالمجنون البالغ.

ويشترط لثبوت أهلية الأداء الكاملة للبالغ أن يبلغ رشيداً، فإن فقد الرشد المشروط بأن يبلغ غير رشيد، بأن تظهر عليه أمارات النقص، وسوء التصرف بالأموال أو التبذير فيها، ووضعها في غير موضعها، وإنفاقها بالطرق التي لا يقرها العقل والشرع، فلا يعتبر رشيداً، وتبقى أهلية الأداء ناقصة، ولا تسلم له أمواله،

(١) رواه أبو داود والحاكم عن عائشة رضي الله عنها، (الفتح الكبير ٣٦٧/٣).

(٢) الإحكام، ابن حزم ٦٨٧/٥، مباحث الحكم ص ٢٦٢، المدخل، شلبي ص ٣٨٨، الأموال، موسى ص ٣٢، الولاية على النفس والمال ص ٢٠، المدخل الفقهي العام ٢ / ٧٧٧.

146