34

Al-Mu'tamad min Qadim Qawl al-Shafi'i 'ala al-Jadid

المعتمد من قديم قول الشافعي على الجديد

Publisher

دار عالم الكتب

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

الرياض

المبحث الأول: طبيعة هذا الفقه:

لم يتميز الشافعي رحمه الله بفقه مستقل إلا بعد رجوعه من العراق إلى مكة، وكان قد أتى العراق عام ١٨٤ هـ ورجع إليها من مكة عام ١٩٤هـ فلعله قضى العشر السنوات مناصفة أو قريباً منها بين العراق ومكة ثم عاد إلى العراق مرة أخرى عام ١٩٤ هـ ورحل عنها إلى مصر عام ١٩٩ هـ، فإنه ليس هناك حد دقيق في المدة التي قضاها في رحلته الأولى في العراق والمدة التي قضاها في مكة والتي نحن بصددها الآن ولكن هذا وجه التقريب نظراً لما صاحبها من أعمال جليلة تستلزم وقتاً يتناسب مع طبيعتها.

قدم الشافعي مكة وقد جمع علم العراق وقبله علم المدينة وقبلهما علم مكة في أول نشأته، فكان لابد أن يستقل بشخصية فقهية متميزة وهذا أمر مفطور عليه الأفذاذ.

اختط لنفسه حلقة في المسجد الحرام، فبدأ يستبين ويستنبط الثروة العظيمة التي جمعها من كافة رحلاته السابقة.

نظر في الأحاديث والآثار فميز صحيحها من ضعيفها وموصولها من منقطعها، وأخذ يرجح بعضها على بعض عند التعارض بالمرجحات المعروفة، وأجرى نظره الثاقب في منطوق الكتاب العزيز ومفهومه وناسخه ومنسوخه وخاصه وعامه ومبينه ومحمله وخلاصة القول أن فقهه في هذا الطور اعتمد على تقعيد القواعد وتأصيل المسائل، وانصب فقهه على الكليات أكثر منه على الجزئيات إلا بالقدر الذي يوضح المقال، وهكذا نجد أن مدرستي المدينة والعراق أثْرت فقهه ثراءاً عظيماً كما يصور لنا ذلك الرازي قال: كان الناس

29