73

al-Muḥarrir fī ʿUlūm al-Qurʾān

المحرر في علوم القرآن

Publisher

مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

Genres

زمِّلوني، فدثروني، فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ *قُمْ فَأَنْذِرْ *وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ *وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ *وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ [المدثر: ١ - ٥]» (١). وفي رواية أخرى عن يحيى بن أبي كثير قال: «سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن قال: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾. قلت: يقولون: ﴿اقْرَا بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾! (٢). فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله ﵄ عن ذلك، وقلت له مثل الذي قلت، فقال جابر: لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله ﷺ قال: «جاورت بحراء، فلما قضيت جواري هبطت، فنوديت، فنظرت عن يميني فلم أر شيئًا، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئًا، ونظرت أمامي فلم أر شيئًا، ونظرت خلفي فلم أر شيئًا، فرفعت رأسي فرأيت شيئًا، فأتيت خديجة، فقلت: دثروني وصبوا علي ماءً باردًا، قال: فدثروني وصبوا علي ماءً باردًا، قال: فنَزلت: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ *قُمْ فَأَنْذِرْ *وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾». وقد أشكل جواب جابرٍ ﵁ هذا على حديث عائشة ﵂ أن أول ما نزل من القرآن الآيات الخمس الأولى من سورة العلق، وقد خرَّجه العلماء بعدد من التخريجات، لكن بعضها فيه نظر، ومن أحسن ما يمكن أن يُجاب عنه في هذا المقام ما يأتي: أن جابرًا لم يكن على علم بما نزل في غار حراء، وإن كان في حديثه إشارة إلى نزول جبريل ﵇ على محمد ﷺ في الغار، وإنما سمع حديثه عن نزول الملك بآيات سورة المدثر، ولم يكن قد ذُكر له نزول آيات قبل سورة المدثر، فحكم بأنها أول ما نزل. ومن التخريجات التي خُرِّج بها حديث جابر - وفيها نظر - ما يأتي: ١ - أن يكون السؤال وقع عن أول سورة كاملة، فأجاب جابرٌ ﵁ بأنها سورة المدثر.

(١) أخرجه البخاري برقم (٤٩٢٥)؛ ومسلم برقم (١٦١). (٢) أخرجه البخاري برقم (٤٩٢٢).

1 / 81