Al-Mughnī sharḥ mukhtaṣar al-Khiraqī
المغني شرح مختصر الخرقي
Editor
عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو
Publisher
دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع
Edition
الثالثة
Publication Year
1417 AH
Publisher Location
الرياض
صَحِيحانِ عنِ النَّبىِّ ﷺ؛ حَدِيثُ البَرَاءِ، وحَدِيثُ جَابرِ بنِ سَمُرَةَ. وحَدِيثهُم عنِ ابنِ عَبَّاسٍ لا أصْلَ له، وإنَّما هو مِنْ قَوْلِ ابنِ عَبَّاس، مَوْقُوفٌ عليه، ولو صَحَّ لوَجَبَ تَقْدِيمُ. حَدِيثِنَا عليه؛ لِكَوْنِه أصَحَّ منه وأخَصَّ، والخاصُّ يُقَدِّمُ علَى العامِّ، وحَدِيثُ جابِرٍ لا يُعَارِضُ حَدِيثَنا أيضًا؛ لِصِحَّتِه وخُصُوصِه. فإنْ قِيلَ: فحَدِيثُ جابرٍ مُتَأَخِّرٌ، فَيَكُونُ ناسِخًا. قُلْنَا: لَا يَصِحُّ النَّسْخُ بهِ لوُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ؛ أحدها، أنَّ الأمْرَ بالوُضُوءِ من لُحُومِ الإِبِلِ مُتَأخِّرٌ عن نَسْخِ الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النارُ، أو مُقَارِنٌ له؛ بدَلِيلِ أنَّه قَرَنَ الأمْرَ بالوُضُوءِ من لحومِ الإِبِلِ بالنَّهْىِ عن الوُضُوءِ من لُحُومِ الغَنَمِ، وهى مِمَّا مَسَّتِ النارُ، فإمَّا أنْ يكونَ النَّسْخُ حَصَلَ بهذا النَّهْىِ، وإمَّا أنْ يكونَ بِشَىءٍ قَبْلَه؛ فإنْ كان به، فالأمْرُ بالوُضُوءِ مِن لُحُومِ الإبِلِ مُقَارِنٌ لِنَسْخِ الوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النارُ، فكيف [يجوزُ أنْ] (١١) يكونَ مَنْسُوخًا به؟ ومِنْ شُرُوط النَّسْخِ تأَخُّرُ النَّاسِخِ، وإنْ كان النَّسْخُ (١٢) قَبْلَهُ، لم يَجُزْ أنْ يُنْسَخَ بِما قبلَهُ. الثاني، أنَّ أكْلَ لُحُومِ الإِبِلِ إنَّما نَقَضَ؛ لِكَوْنِه مِنْ لُحُومِ الإبِلِ، لا لِكَوْنه مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، ولِهَذَا يَنْقُضُ وإنْ كَانَ نِيئًا، فنَسْخُ إحْدَى الجِهَتَيْنِ لا يَثْبُتُ به نَسْخُ الجِهَةِ الأُخْرَى، كما لو حُرِّمَتِ المَرْأةُ للرَّضاعِ، ولِكَوْنها رَبِيبَةً، فنَسْخُ التَّحْرِيمِ بالرَّضَاعِ لَمْ يكنْ نَسْخًا لتَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ. الثَّالِثُ، أنَّ خَبَرَهُم عامٌّ وخَبَرُنَا خَاصٌّ، والعامُّ لا يُنْسَخُ بهِ الخاصُّ؛ لأَنَّ مِنْ شَرْطِ (١٣) النَّسْخِ تَعَذُّرَ الجَمْعِ، والجَمْعُ بينَ الخاصِّ والعامِّ مُمْكِنٌ بتَنْزِيلِ العامِّ علَى ما عدا مَحَلِّ التَّخْصِيصِ. الرَّابِعُ: أنَّ خَبَرَنَا صَحِيحٌ مُسْتَفِيضٌ، ثَبَتَتْ له قُوَّةُ الصِّحَّةِ والاسْتِفاضَةِ والخُصُوص، وخَبَرُهُمْ ضَعِيفٌ؛ لعَدَمِ هذِه الوُجُوهِ الثَّلَاثةِ فِيهِ، فلا يجوزُ أنْ يكونَ ناسِخًا لَهُ. فإن قِيلَ: الأمْرُ بالوُضُوءِ في خبرِكم يَحْتَمِلُ الاسْتِحْبابَ، فنَحْمِلُه عليه. ويَحْتَمِلُ أنَّهُ أرَادَ بالوُضُوءِ [قبلَ الطَّعَامِ وبعدَه] (١٤) غَسْلَ اليَدَيْنِ (١٥)؛ لأنَّ الوُضُوءَ إذَا أُضِيفَ إلى الطَّعَامِ، اقْتَضَى
(١١) سقط من: م.
(١٢) في م: "الناسخ".
(١٣) في م: "شروط".
(١٤) سقط من الأصل.
(١٥) في الأصل: "اليد".
1 / 252