Al-Mughni: Explaining the Mukhtasar al-Khiraqi

Ibn Qudamat al-Maqdisi d. 620 AH
102

Al-Mughni: Explaining the Mukhtasar al-Khiraqi

المغني شرح مختصر الخرقي

Investigator

الدكتور عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي، الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو

Publisher

دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

وقال ابنُ عَقِيلٍ، وبعضُ الشافعيَّةِ: يكون نَجسًا أيضًا، وإن كَثُرَ (٥٠) وتباعَدتْ أقطارهُ؛ لأنه ماءٌ راكِدٌ بعضُه نَجِسٌ، فكانَ جميعُه نَجِسًا، كما لو تقارَبت أقطارُه، ولأنَّ المتَغَيِّرَ مائعٌ نَجِسٌ، فينْجُسُ ما يُلاقِيه، ثم تنَجَّس بذلك ما يُلاقِيه إلى آخرِه. فإن اضْطَربَ فزال التغيُّرُ زال التَّنْجِيسُ؛ لزوَالِ عِلَّتِه. ولنا قولُ النبيِّ ﷺ: "إذَا بَلَغ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَىْءٌ". وقولُه ﷺ: "المَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَىْءٌ". وغيرُ المتغيِّرِ قد بلَغ القُلَّتيْن ولم يتغَيَّر، فيدخُل في عُموم الأحاديث، ولأنه ماءٌ كثيرٌ لم يتغيَّرْ بالنجاسةِ، فكان طاهِرًا، كما لو لم يتغَيَّر منه شيءٌ، ولأنَّ العِلَّةَ في نجاسةِ الماءِ الكثيرِ التَغَيُّرُ فقط، فيخْتَصُّ التَّنْجِيسُ بمَحَلِّ العِلَّةِ، كما لو تغيَّرَ بعضُه بطاهِرٍ، فلا يصِحُّ القياسُ علَى ما إذا كان غيرُ المتغيِّرِ ناقِصًا عن القُلَّتيْن؛ لأنه قليلٌ ينْجُسُ بمُجَرَّدِ المُلاقاةِ للنجاسة، بخلافِ الكثير. وأما تباعدُ الأقْطارِ وتقارُبُها فلا عِبْرةَ بها، إنما العبرةُ بكَوْنِ غيرِ المتغيِّر قليلا أو كثيرًا، [فلا يمتنعُ] (٥١) الحُكْمُ بطهارةِ الماءِ المُلاصِقِ للنجاسة، بدليل ما لو كان فيه كلبٌ أو مَيْتة، فإنَّ المُلَاصِقَ له طاهِرٌ، وإن منعت طَهارته فالمُلاصِقُ للمُلاصِقِ طاهِر، وعلى قياسِ قولِهم ينبغى أن يتنَجَّس البحرُ إذا تغيَّر جانبُه، والماءُ الجارى، وكلُّ ما تغيَّر بعضُه، ولا قائل به، وقد قال أحمد في الْمَصانِعِ (٥٢) التي بطريقِ مكة: لا يُنَجِّسُ تلك شيءٌ. فصل: ولا فَرْقَ بين يَسِيرِ النجاسةِ وكثيرِها، وسواءٌ كان اليسيرُ ممَّا يُدْرِكُه الطَّرْفُ أو لا يدركُه مِن جميعِ النجاسات، إلَّا أنَّ ما يُعْفَى عن يسيرِه في الثَّوبِ، كالدَّمِ ونحوه، حكمُ الماءِ المُتَنَجِّس به حكمُه في العَفْوِ عن يَسيرِه، وكلُّ نجاسةٍ يَنْجُس بها الماءُ يصيرُ حُكْمُه حُكْمَها؛ لأنَّ نجاسةَ الماءِ ناشئةٌ عن نجاسةِ الواقع، وفَرْعٌ عليها، والفرعُ يثبُت له حكمُ أصلهِ.

(٥٠) في م: "كبر". (٥١) في الأصل: "ولا يمنع". (٥٢) المصنع: ما يصنع لجمع الماء، كالبركة والصهريج، ويأتى توضيحه في شرح المسألة الخامسة.

1 / 46