Al-Mufeed Fi Muhimat Al-Tawheed
المفيد في مهمات التوحيد
Publisher
دار الاعلام
Edition Number
الأولى ١٤٢٢هـ
Publication Year
١٤٢٣هـ
Genres
وجاء كذلك في الكتاب والسنة "آيات وأحاديث كثيرة، تتضمن الوعيد الشديد بالعذاب الأليم، والخلود في النار لأهل الفسق والمعاصي وأصحاب الكبائر، ووصفهم بالكفر والفسق والضلال ونحو ذلك"١.ومن هذه النصوص: قوله ﷾: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٩٣]، وقوله ﷺ: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" ٢. وهذه تسمى نصوص الوعيد.
والناس قد افترقوا في هذه النصوص إلى طرفين، ووسط.
فالمرجئة أخذوا بنصوص الوعد، وتركوا نصوص الوعيد، وقالوا: كل ذنب سوى الشرك فهو مغفور؛ فالإيمان لا تضر معه معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة٣.
وإنما ضلوا في هذا الباب بسبب عبادتهم الله بالرجاء وحده، وإهمال جانب الخوف.
والوعيدية -من الخوارج والمعتزلة- أخذوا بنصوص الوعد والوعيد، وغلوا في نصوص الوعيد، وقالوا: لا بد أن ينجز الله وعده ووعيده، ولا يصح أن يخلف أيا منهما٤.
وسبب ضلالهم في هذا الباب: عبادتهم الله بالخوف وحده، وإهمال جانب الرجاء.
وأهل السنة في هذا الباب وسط بين غلاة المرجئة، وبين الوعيدية -من الخوارج والمعتزلة-، وهم يأخذون بنصوص الوعد والوعيد؛ فيجمعون بين الخوف والرجاء، ولا يفرطون في نصوص الوعيد كالمرجئة الخالصة الذين قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب، ولا يغلون غلو الخوارج والمعتزلة في نصوص الوعيد، ويقولون في الوعيد: يجوز أن يعفو الله عن المذنب، وأن يخرج أهل الكبائر من النار، فلا يخلد فيها أحدا من أهل
_________
١ وسطية أهل السنة والجماعة للدكتور محمد باكريم ص٣٥٤.
٢ صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن أن يحبط عمله.
٣ انظر وسطية أهل السنة بين الفرق للدكتور باكريم ص٣٥٥.
٤ انظر: شرح الأصول الخمسة لعبد الجبار المعتزلي ص١٣٥-١٣٦. والموجز لعبد الكافي الأباضي -من الخوارج- ضمن كتاب آراء الخوارج الكلامية، للدكتور عمار طالبي ٢/ ١٠٥.
1 / 40