Al-Mufaṣṣal fī al-qawāʿid al-fiqhiyya
المفصل في القواعد الفقهية
Publisher
دار التدمرية
Edition Number
الثانية
Publication Year
1432 AH
Publisher Location
الرياض
Genres
ظاهرها الخلاف، ولكنها عند تأملها نجدها تعود إلى المعنى الذي ذكرناه، ولو بضرب من التأويل، كقعيدة الرجل أي: امرأته، وامرأة قاعد عن الحيض والأزواج، والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً، ملتفَتاً في ذلك إلى قعودهن واستقرارهن في بيوت آبائهن أو أوليائهن، ومنه قوله تعالى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ [النُّور: ٦٠]، كما أن امرأة الرجل تسمى قعيدة لثبوتها واستقرارها في بيت زوجها، والقُعْدَد: اللئيم؛ لقعوده عن المكارم، والقُعْدَد هو الأقرب نسباً إلى الأب الأكبر، فكأنه قاعد معه، ومن ذلك ذو القَعدة، الشهر الذي كانت العرب تقعد فيه عن الأسفار، وقواعد البيت أساسه، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ﴾ [البَقَرَة: ١٢٧] وقوله تعالى: ﴿فَأَنَّ اللَّهَ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ﴾ [النّحل: ٢٦].
والقواعد - أيضاً - جمع قاعد، وهي المرأة المسنة؛ لكونها ذات قعود، وقواعد السحاب أصولها المعترضة في آفاق السماء، شبهت بقواعد البناء، وقواعد الهودج خشبات أربع معترضات في أسفله.
وبوجه عام فإن المعنى اللغوي لهذه المادة هو الاستقرار والثبات، وأقرب المعاني إلى المراد في معاني القاعدة هو الأساس، نظراً لابتناء الأحكام عليها كابتناء الجدران على الأساس.
المطلب الثاني: تعريف القواعد بمعناها الخاص، أي: باعتبارها علَماً ولقباً على القواعد الفقهية:
التعريفات المتقدمة كانت تعريفاً للقواعد بمعناها العام، ولم يكن من غرض العلماء أن يذكروا تعريفاً خاصاً بالقواعد الفقهية، ومَن جَرّ ذلك التعريف إلى كونه تعريفاً للقواعد الفقهية فقد أخطأه التوفيق، كما أخطأه التوفيق بنقده بكونه غير مانع من دخول القواعد غير الفقهية فيه؛ لأن التعريفات التي ذكرت إنما كانت تعريفاً للقاعدة بوجه عام، لا للقاعدة الفقهية بمعناها الخاص.
24