212

Al-Mawāqif fī ʿilm al-kalām

المواقف في علم الكلام

Editor

عبد الرحمن عميرة

Publisher

دار الجيل

Edition

الأولى

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

بيروت

وأجيب عنه بأن العلة لا شك أنها متقدمة على المعلول وأما أن تقدمها عليه يجب أن يكون بالوجود فممنوع فإن التقدم الثابت للعلة بالقياس إلى المعلول قد يكون بغير الوجود كتقدم الماهية الممكنة على وجودها فإنها قابلة للوجود عندكم والقابل متقدم على مقبوله لأنه علة قابلية له وليس ذلك التقدم بالوجود لما ذكرتم بعينه من لزوم كون وجود الشيء قبل وجوده وكونه موجودا مرتين ومن لزوم تقدم الشيء على نفسه أو التسلسل وإذا كان تقدم القابل لا بالوجود فلم لا يجوز أن يكون تقدم الفاعل كذلك وأيضا فالأجزاء علل مقومة للماهية والمقوم للشيء متقدم عليه ضرورة لكونه علة له وليس كذلك التقدم الثابت للأجزاء بالوجود لأنا نجزم بذلك التقدم للأجزاء وإن قطعنا النظر عن الوجود أي عن وجود الأجزاء والماهية فإنا إذا لاحظنا الماهية من حيث هي بلا اعتبار وجود أو عدم معها جزمنا بتقدم أجزائها عليها فلو كان تقدمها بحسب الوجود لما أمكن ذلك الجزم أصلا لا يقال هو أي تقدم المقوم على الماهية تقدمه عليها بالوجود أيضا لكن لا باعتبار حصول الوجود لهما في الواقع بل على تقدير حصول الوجود لهما فإنا إذا قلنا الواحد مقدم على الاثنين مثلا لم نرد أنهما موجودان معا وللواحد تقدم بحسب الوجود على الاثنين بل نريد أنهما بحيث متى وجدا كان وجود الجزء مقدما على وجود الكل لأن نقول فهذه الحيثية أي كون المقوم بحيث متى وجد هو مع ما يقومه كان سابقا عليه هي التقدم الثابت للجزء بالقياس إلى الماهية وأنها تلحقه أي هذه الحيثية تلحق المقوم لا باعتبار الوجود لأنها ثابتة للمقوم قبل أن يوجد إلا أنا لا نتعقله إلا باعتبار الوجود وهو أي هذا الذي ذكرناه من اتصاف المقوم بالتقدم على المعلول حال عدمه كاف لنا في سند المنع إذ قد ثبت حينئذ أن علة من العلل قد اتصفت بالتقدم على المعلول حال كونها معدومة فلا يكون تقدمها عليه بحسب الوجود فجاز أن يكون الحال في العلة الموجدة كذلك وما يقال من أنه أراد أن هذه الحيثية ثابتة للجزء حال عدمه فهي من عوارضه ومعلولة لماهيته فتكون ماهيته متقدمة على هذه الحيثية لا باعتبار الوجود وهذا القدر يكفينا في المنع ليس بشيء لأن هذه الحيثية ليست موجودة في الخارج حتى تحتاج إلى علة خارجية وكلامنا فيها وأيضا قوله فهذه الحيثية هي التقدم لا يناسب هذا التوجيه كما لا يخفى أجاب الحكماء بأن المفيد للوجود وهو العلة الفاعلية لا بد وأن يلاحظ العقل له وجودا أو لا حتى يمكنه أن يلاحظ له إفادة الوجود وذلك لأن مرتبة الإيجاد متأخرة عن مرتبة الوجود بالضرورة فإن ما لا يوجد في نفسه لم يتصور منه إيجاد قطعا سواء كان إيجاد غيره أو إيجاد نفسه وحينئذ لا يجوز أن تكون ماهية الواجب من حيث هي مقتضية لوجودها كما جوزه من جعل وجوده زائدا على ماهيته والمستفيد للوجود وهو العلة القابلية لا بد وأن يلحظ العقل له الخلو عن الوجود حتى يمكنه أن يلاحظ له استفادة الوجود وذلك لأن استفادة الحاصل محال كتحصيله فلا يجوز أن يتقدم قابل الوجود ومستفيده عليه بالوجود ضرورة والمقوم للماهية يجب أن يقطع فيه النظر عن وجوده وعدمه فإن تقويمه الماهية ودخوله في قوامها إنما هو بالنظر إلى ذاتها بلا اعتبار وجود وعدم وإلا امتنع الجزم بالتقويم مع التردد في الوجود والعدم فيجب أن يكون تقدمه عليها بحسب الذات دون الوجود فالمنع الذي أوردتموه على وجوب تقدم العلة الموجدة على معلولها بالوجود مندفع لكونه مصادما للضرورة فيكون مكابرة والفرق بين صورة النزاع التي هي العلة الفاعلية و بين ما جعلتموه مستندا للمنع هو العلة القابلية والمقدمة بين قد انكشف عنه غطاؤه فلا يستلزم جوازه جوازه أي جواز المستند جواز المتنازع فيه فلم يبق فيما ذكرنها اشتباه أصلا

Page 245