جَرَى، فَقَالَ: مَنْ أَنْكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فَقَدْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ مُحْدَثٌ.
وَانْتَشَرَتْ هَذِهِ المَسْأَلَةُ فِي البَلَدِ، وَذَهَبَ مَنْصُوْر الطُّوْسِيُّ فِي جَمَاعَةٍ إِلَى ابن خُزَيْمَة، وَأَخْبَرُوْهُ بِذَلِكَ، حَتَّى قَالَ مَنْصُوْر: أَلَمْ أَقُلْ للشَّيْخِ إِنَّ هَؤُلاءِ يَعْتَقِدُوْنَ مَذْهَب الكُلابِيَّة؟ ! وَهَذَا مَذْهَبُهُم، فَجَمَعَ ابنُ خُزَيْمَةَ أَصْحَابَهُ، وَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَكُمْ غَيَرَ مَرَّة عَنِ الخَوْضِ فِي الكَلامِ، وَلَمْ يَزِدْهُمْ عَلَى هَذَا ذَلِكَ اليَوَم.
قَالَ الحَاكِم: وَحَدَّثَنِي عَبْد الله بن إِسْحَاق الأَنْمَاطِي المُتَكَلِّم قَالَ:
"لَمْ يَزَلْ الطُّوْسِيُّ بِأَبِي بَكْرٍ حَتَّى جَرَّأَهُ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْر بنُ إِسْحَاق، وَأَبُوْ بَكْر بنُ أَبِي عُثْمَان يَرُدَّانِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ مَا يُمْلِيْهِ وَيَحْضُرَانِ مَجْلِسَ أَبِي عِلي الثَّقَفِي فَيَقْرَؤنَ ذَلِكَ عَلَى المَلأ حَتَّى اسْتَحْكَمَتِ الوِحْشَة.
قَالَ الحَاكِم: وَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيد عَبْد الرَّحْمَن بن أَحْمَد المُقْرِىء، يَقُولُ:
سَمِعْتُ ابنَ خُزَيْمة يَقُولُ: "القُرْآن كَلامُ الله وَوَحْيُهُ وَتَنْزِيْلُهُ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ شَيْئًا مِنْ تَنْزِيْلِهِ وَوَحْيِهِ مَخْلُوْقٌ، أَوْ يَقُولُ: إِنَّ أَفْعَالَهُ تَعَالَى مَخْلُوْقَة، أَوْ يَقُولُ: إِنَّ القُرْآن مُحْدَثٌ فَهُوَ جَهْمِيٌّ، وَمَنْ نَظَرَ فِي كُتُبِي بانَ لَهُ أَنَّ الكُلَّابِيَة كَذَبَةٌ فِيْمَا يَحْكُوْن عَنِّي فَقَدْ عَرَفَ الخَلْقُ أَنَّهُ لَمْ يُصَنِّفْ أَحَدٌ فِي التَّوْحِيد، وَالقَدَرِ، وَأُصُولِ العِلْم مِثْلَ تَصْنِيفِي، وَقَدْ صَحَّ عِنْدِي أَنَّ الثَّقَفِيَّ، وَالصِّبْغِيَّ، وَيَحْيَىَ بن مَنْصُوْر كَذَبَةً، قَدْ كَذَبُوَا عَلَيّ فِي حَيَاتِي، فَمُحَرَّمٌ عَلَى مُقْتَبِس عِلْم أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ شَيْئًا يَحْكُوْنَهُ عَنِّي، وَابنُ أَبِي عُثْمَان أَكْذَبُهُمْ عِنْدِي، وَأَقْوَلُهُمْ مَا لَمْ أَقُلْهُ.
قَالَ الحَاكِم: وَسَمِعْتُ مُحَمَّد بن أَحْمَد بن بَالُوَيْه يَقُولُ: