يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ الالْتِفَات إِلَى مِثْلِهِ، وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَسَارُهُ، وَهُوَ يُحَدِّثُهُ إِذْ سَأَلَهُ عَن الْفَرْقِ بَيَنَ الفَيء وَالغَنِيْمَةِ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَمْرو: هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ شَيخِنَا أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن إِسْحَاق، فَاسْتَيْقَظَ الْأَمِيْرُ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَأَمَرَ الْحَاجِبَ أَنْ يُقَدِّمَهُ إِلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَهُ، وَعَانَقَهُ، وَاعْتَذَر إِلَيْهِ مِنَ التَّقْصِيْر فِي أَوَّلِ اللِّقَاءِ ثُمَّ سَأَلَهُ مَا الفَرْقُ بَيَنَ الفَيءِ وَالغَنِيْمَة؟ فَقَالَ: قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ ثمَّ جَعَل يَقُولُ: حَدَّثَنَا وَأخْبَرَنَا ثُمَّ قَالَ: قَالَ الله ﷿: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ وَأَخَذَ يَقُولُ: حَدَّثنَا وَأخْبرنَا، قَالَ عَمِّي: وَعَدَدْنَا مَائَةً وَنَيِّفًا وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثًا سَرَدَهَا مِنْ حِفْظِهِ فِي الفَىءِ وَالغَنِيْمَةِ" (١).
المَبْحَثُ السَّابِعُ: تَوَلِّيه الانْتِخَاب عَلَى الشُّيُوْخ:
قَالَ أَبُو عَبْد الله الحَاكِم فِي "تَارِيْخِهِ": "سَمِعْتُ أَبَا عَبْد الله مُحَمَّد بن يَعْقُوب يَقُول: قَدِمَ عَلَيْنَا الفَضْل بن مُحَمَّد الشَّعْرَانِي سَنَة اثْنَتَيْن وَسَبْعِيْن، فَنَزَلَ بِجنجروذ، فَكَانَ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة يَتَوَلَّى الانْتِخَاب عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ" (٢).
وَقَالَ فِي "المُسْتَدْرَك" (٣): "حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن صَالِح بن هَانِئ، حَدَّثَنَا الفَضْل بن مُحَمَّد بن المُسَيَّب إِمْلاءً بانْتِقَاء أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة".
المَبْحَثُ الثَّامِنُ: طَرِيْقَتُهُ فِي التَّحْدِيثِ:
سَلَكَ الإِمَام ابنُ خُزَيْمَة أَرْوَع الطُّرُقِ فِي أَدَاءِ مَا تحَمَّلَهُ، فَكَانَ أَكْثَرُ أَدَائِهِ
(١) طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الكُبْرَى (٣/ ١١٧).
(٢) تَارِيْخِ دِمَشْق (٤٨/ ٣٦٦).
(٣) (٢/ ٧٣٢).