151

Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab

المجموع شرح المهذب

Publisher

إدارة الطباعة المنيرية - مطبعة التضامن الأخوي

Publisher Location

القاهرة

ولان الْمَاءَ طَاهِرٌ وَالْأَعْضَاءَ طَاهِرَةٌ فَمِنْ أَيْنَ النَّجَاسَةُ.
قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ لَا يَمْتَنِعُ مِثْلُ هَذَا فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ لَوْ وَطِئَ عَبْدٌ أَمَةً يَعْتَقِدُهَا حُرَّةً فَوَلَدَتْ فَالْوَلَدُ حُرٌّ فَالْحُرِّيَّةُ مِنْ أَيْنَ جَاءَتْ: فَأَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّ حُكْمَ الْوَلَدِ يَتَغَيَّرُ بِالِاعْتِقَادِ وَلِهَذَا لَوْ وَطِئَ أَمَةً يَعْتَقِدُهَا أَمَةً كَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا وَلَوْ اعْتَقَدَهَا حُرَّةً كَانَ حُرًّا.
فَيَتَغَيَّرُ بِالِاعْتِقَادِ وَلَيْسَ الْمَاءُ كَذَلِكَ.
وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَلَا يَغْتَسِلُ فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ مِنْ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ هَكَذَا أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ كَيْفَ يَفْعَلُ قَالَ يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا فَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ خِلَافُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رِوَايَةُ الْحُفَّاظِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَشَارَ الْبَيْهَقِيُّ إلَى تَقْدِيمِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَجَعَلَهُ جَوَابًا لا ستدلالهم بِهِ لَكِنْ لَا يُرْتَضَى هَذَا الْجَوَابُ وَلَا التَّرْجِيحُ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ إذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَلَيْسَ هُوَ مُتَعَذِّرًا هُنَا بَلْ الْجَوَابُ الْمَرْضِيُّ مَا اعْتَمَدَهُ أَصْحَابُنَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ اشْتِرَاكُ الْقَرِينَيْنِ فِي الْحُكْمِ قَالَ اللَّهِ تَعَالَى (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حقه) فَالْأَكْلُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَالْإِيتَاءُ وَاجِبٌ وَأَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ اشْتِرَاكُهُمَا فِي مَنْعِ الْوُضُوءِ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَاءِ دُونَ قُلَّتَيْنِ: وَجَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْبَوْلِ وَالِاغْتِسَالِ فِيهِ لَيْسَ لِأَنَّهُ يَنْجَسُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بَلْ لِأَنَّهُ يُقَذِّرُهُ وَيُؤَدِّي إلَى تَغَيُّرِهِ: وَلِهَذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى كَرَاهَةِ الِاغْتِسَالِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا: وَسَنُوَضِّحُهُ فِي بَابِ الْغُسْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعَلَى الْجُمْلَةِ تَعْلُقهُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَحُكْمُهُمْ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ بِهِ عَجَبٌ

1 / 152