139

Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab

المجموع شرح المهذب

Publisher

إدارة الطباعة المنيرية

Publisher Location

مطبعة التضامن الأخوي - القاهرة

النَّجَاسَةُ عَلَى وَجْهِ الْبَحْرِ فَتَبَاعَدَ شِبْرًا لِيَحْسِبَ عُمْقَ الْبَحْرِ وَحِينَئِذٍ يَزِيدُ عَلَى قُلَّتَيْنِ لَمْ يَكْفِهِ ذَلِكَ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَبَاعَدَ قَدْرًا لَوْ حُسِبَ مِثْلُهُ فِي الْعُمْقِ وَسَائِرِ الْجَوَانِبِ لَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَكُونَ مَاءُ الْقُلَّتَيْنِ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّجَاسَةِ وَالْعُمْقُ الزَّائِدُ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ: وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُنْبَسِطًا فِي عُمْقِ شِبْرٍ فَلْيَتَبَاعَدْ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ بِنِسْبَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا هَكَذَا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْأَكْثَرُونَ: وَحَكَى الْمُتَوَلِّي فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا: وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِ النجاسة سوى الْجِهَةُ الَّتِي يَغْتَرِفُ مِنْهَا وَغَيْرُهَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِلْمُسْتَقِي بِبَاقِي الْجِهَاتِ وَإِذَا أَوْجَبْنَا التَّبَاعُدَ هَلْ يَكُونُ الْمَاءُ الْمُجْتَنَبُ نَجِسًا أَمْ طَاهِرًا مُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ: فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا طَاهِرٌ مُنِعَ اسْتِعْمَالُهُ لِقَوْلِهِ ﷺ إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجَسْ وَبِهَذَا قَطَعَ كَثِيرُونَ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ آخَرِينَ مِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي كِتَابَيْهِ الْمَجْمُوعُ وَالتَّجْرِيدُ وَأَصْحَابُ الْحَاوِي وَالشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَنَقَلَ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ أَبُو حامد الاسفراينى وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ: وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَغَوِيُّ بِأَنَّهُ نَجِسٌ حَتَّى قَالَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ لَوْ كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ فَقَطْ كَانَ نَجِسًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وهذا الْقَوْلِ وَهَذَا ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ مُنَابِذٌ لِقَوْلِهِ ﷺ إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجَسْ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا لَا يُشْتَرَطُ التَّبَاعُدُ فَلَهُ أَنْ يَتَطَهَّرَ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ مِنْهُ هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ واتفقوا عليه: قال الماوردي لو ان يستعمل منه اقر به إلَى النَّجَاسَةِ وَأَلْصَقَهُ بِهَا: وَخَالَفَهُمْ الْغَزَالِيُّ فَقَالَ فِي الْوَسِيطِ يَجِبُ التَّبَاعُدُ عَنْ حَرِيمِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ شَكْلُهُ بِسَبَبِ النَّجَاسَةِ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ شَاذٌّ مَتْرُوكٌ مُخَالِفٌ لِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ: وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ فِي الْبَسِيطِ بِمُوَافَقَةِ الْأَصْحَابِ فَقَطَعَ بِأَنَّ الرَّاكِدَ لَا حَرِيمَ لَهُ يُجْتَنَبُ: وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ النِّهَايَةِ فِي هَذَا الْبَابِ: وَقَالَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مِنْ قُرْبِ النجاسة: قال

1 / 140