103

Al-Majmūʿ sharḥ al-Muhadhdhab

المجموع شرح المهذب

Publisher

إدارة الطباعة المنيرية - مطبعة التضامن الأخوي

Publisher Location

القاهرة

وَالثَّانِي لَيْسَ بِطَهُورٍ نَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْقَفَّالُ: وَوَجْهُهُ الْقِيَاسُ عَلَى النَّجَاسَةِ فَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ التَّغَيُّرِ الْكَثِيرِ وَالْيَسِيرِ: ويجاب عن هذا للمذهب الْمُخْتَارِ بِأَنَّ بَابَ النَّجَاسَةِ أَغْلَظُ
* وَأَمَّا أَلْفَاظُ الْفَصْلِ فَالطُّحْلُبُ بِضَمِّ الطَّاءِ وَضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ: وَالنُّورَةُ بِضَمِّ النُّونِ حِجَارَةٌ رَخْوَةٌ فِيهَا خُطُوطٌ بِيضٌ يَجْرِي عَلَيْهَا الْمَاءُ فَتُنْحَلُ: وَفِي الْبَاقِلَّاءِ لُغَتَانِ إحْدَاهُمَا تَشْدِيدُ اللَّامِ مَعَ الْقَصْرِ وَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ وَالثَّانِيَةُ تَخْفِيفُ اللَّامِ مَعَ المد ويكتب بالالف وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَرْعٌ)
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَنْعِ الطَّهَارَةِ بِالْمُتَغَيِّرِ بِمُخَالَطَةِ مَا لَيْسَ بِمُطَهِّرٍ وَالْمَاءُ يَسْتَغْنِي عَنْهُ هُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَدَاوُد وَكَذَا أَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ بِالْمُتَغَيِّرِ بِالزَّعْفَرَانِ وَكُلِّ طَاهِرٍ سَوَاءٌ قَلَّ التَّغَيُّرُ أَوْ كَثُرَ بِشَرْطِ كَوْنِهِ يَجْرِي لَا ثَخِينًا إلَّا مَرَقَةَ اللَّحْمِ وَمَرَقَةَ الْبَاقِلَّاءِ وَلِهَذَا رَدَّ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ كَمَاءِ اللَّحْمِ وَالْبَاقِلَّاءِ وَهَذِهِ عَادَةُ الْمُصَنِّفِ يُشِيرُ إلَى إلْزَامِ الْمُخَالِفِ بِمَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ وَحَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا وَضَعِيفٌ: واحتج لابي حنيفة بالقياس على الطلحب وَشَبَهِهِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِالْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
وَاعْتَمَدُوهُ فَإِنْ قَالُوا إنَّمَا لَمْ تَجُزْ الطَّهَارَةُ بِمَاءِ الْبَاقِلَّاءِ لِأَنَّهُ صَارَ أُدْمًا: فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا تَأْثِيرَ لِكَوْنِهِ أُدْمًا لِأَنَّ الْمَاءَ لَوْ طُبِخَ فِيهِ حَنْظَلٌ وَغَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ التَّطَهُّرُ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ أُدْمًا فَدَلَّ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْأُدْمِيَّةِ وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِزَوَالِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَاءِ وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي مَاءِ الزَّعْفَرَانِ فَإِنَّهُ صَارَ صِبْغًا وَطِيبًا وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ مَسُّهُ وَيَلْزَمُهُ بِهِ الْفِدْيَةُ: وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الطُّحْلُبِ فَضَعِيفٌ لِأَنَّ الطُّحْلُبَ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَرْعٌ)
قَالَ أَصْحَابُنَا صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فِي مُخَالَطَةِ الطَّاهِرِ لِلْمَاءِ كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَالْحُكْمُ فِي كُلِّ ذلك وَاحِدٌ عَلَى مَا سَبَقَ (فَرْعٌ)
قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إنْ اعْتَرَضَ مُتَكَلِّفٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ عَلَى الْفُقَهَاءِ فِي فَرْقِهِمْ بَيْنَ الْمُجَاوَرَةِ وَالْمُخَالَطَةِ فَزَعَمَ أَنَّ الزَّعْفَرَانَ مُلَاقَاتُهُ أَيْضًا مُجَاوَرَةٌ فَإِنَّ تَدَاخُلَ الْأَجْرَامِ مُحَالٌ قُلْنَا لَهُ مَدَارِكُ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ لَا تُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْمَآخِذِ بَلْ تُؤْخَذُ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ أَفْهَامُ النَّاسِ لَا سِيَّمَا فِيمَا بُنِيَ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى مَعْنًى وَلَا شَكَّ أَنَّ أَرْبَابَ اللِّسَانِ لُغَةً وَشَرْعًا قَسَّمُوا التَّغَيُّرَ إلَى مُجَاوَرَةٍ وَمُخَالَطَةٍ وَإِنْ كَانَ مَا يُسَمَّى مُخَالَطَةً عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مُجَاوَرَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ فَالنَّظَرُ إلَى تَصَرُّفِ

1 / 104