1

Al-Majmūʿ sharḥ al-Muhadhdhab

المجموع شرح المهذب

Publisher

إدارة الطباعة المنيرية - مطبعة التضامن الأخوي

Publisher Location

القاهرة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الْبَرِّ الْجَوَّادِ. الَّذِي جَلَّتْ نِعَمُهُ عَنْ الْإِحْصَاءِ بِالْأَعْدَادِ. خَالِقِ اللُّطْفِ وَالْإِرْشَادِ. الْهَادِي إلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ. الْمُوَفِّقِ بِكَرَمِهِ لِطُرُقِ السَّدَادِ. الْمَانِّ بِالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ عَلَى مَنْ لَطَفَ بِهِ مِنْ الْعِبَادِ. الَّذِي كَرَّمَ هَذِهِ الْأُمَّةَ زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا بِالِاعْتِنَاءِ بِتَدْوِينِ مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِفْظًا لَهُ عَلَى تَكَرُّرِ الْعُصُورِ وَالْآبَادِ. وَنَصَّبَ كَذَلِكَ جَهَابِذَةً مِنْ الْحُفَّاظِ النُّقَّادِ: وَجَعَلَهُمْ دَائِبِينَ فِي إيضَاحِ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَزْمَانِ وَالْبِلَادِ. بَاذِلِينَ وُسْعَهُمْ مُسْتَفْرِغِينَ جُهْدَهُمْ فِي ذَلِكَ فِي جَمَاعَاتٍ وَآحَادٍ. مُسْتَمِرِّينَ عَلَى ذَلِكَ مُتَابِعِينَ فِي الْجُهْدِ وَالِاجْتِهَادِ. أَحْمَدُهُ أَبْلَغَ الْحَمْدِ وَأَكْمَلَهُ وَأَزْكَاهُ وَأَشْمَلَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ. الْكَرِيمُ الْغَفَّارُ * وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ. الْمُصْطَفَى بِتَعْمِيمِ دَعَوْتِهِ وَرِسَالَتِهِ. الْمُفَضَّلُ عَلَى الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مِنْ بَرِيَّتِهِ. الْمُشَرَّفُ عَلَى الْعَالَمِينَ قَاطِبَةً بِشُمُولِ شَفَاعَتِهِ. الْمَخْصُوصُ بِتَأْيِيدِ مِلَّتِهِ وَسَمَاحَةِ شَرِيعَتِهِ. الْمُكَرَّمُ بِتَوْفِيقِ أُمَّتِهِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي إيضَاحِ مِنْهَاجِهِ وَطَرِيقَتِهِ. وَالْقِيَامِ بِتَبْلِيغِ مَا أُرْسِلَ بِهِ إلَى أُمَّتِهِ. صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى إخْوَانِهِ مِنْ النَّبِيِّينَ وَآلِ كُلٍّ وَسَائِرِ الصَّالِحِينَ. وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ (أَمَّا بَعْدُ)
فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى الْعَظِيمُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (وَمَا خَلَقْتُ الجن والانس إلا ليعبدون مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أن يطعمون) وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْعِبَادَ خُلِقُوا لِلْعِبَادَةِ وَلِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ الدُّنْيَا بِالزَّهَادَةِ: فَكَانَ أَوْلَى مَا اشْتَغَلَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ: وَاسْتَغْرَقَ الْأَوْقَاتِ فِي تَحْصِيلِهِ الْعَارِفُونَ. وَبَذَلَ الْوُسْعَ فِي إدْرَاكِهِ الْمَشْهُورُونَ. وَهَجَرَ مَا سِوَاهُ لِنَيْلِهِ الْمُتَيَقِّظُونَ بَعْدَ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَعَمَلِ الْوَاجِبَاتِ التَّشْمِيرُ فِي تَبْيِينِ مَا كَانَ مُصَحِّحًا لِلْعِبَادَاتِ الَّتِي هِيَ دَأَبُ أَرْبَابِ الْعُقُولِ وَأَصْحَابِ الْأَنْفُسِ الزَّكِيَّاتِ، إذْ لَيْسَ يَكْفِي فِي الْعِبَادَاتِ صُوَرُ الطَّاعَاتِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا عَلَى وَفْقِ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّاتِ وَهَذَا فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ وَقَبْلِهَا بِأَعْصَارٍ خَالِيَاتٍ: قَدْ انْحَصَرَتْ مَعْرِفَتُهُ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّاتِ الْمُصَنَّفَةِ فِي أَحْكَامِ الدِّيَانَاتِ، فَهِيَ الْمَخْصُوصَةُ بِبَيَانِ ذَلِكَ وَإِيضَاحِ الْخَفِيَّاتِ مِنْهَا وَالْجَلِيَّاتِ، وَهِيَ الَّتِي أُوضِحَ فِيهَا جَمِيعُ أَحْكَامِ الدِّينِ وَالْوَقَائِعُ الْغَالِبَاتُ وَالنَّادِرَاتُ، وَحُرِّرَ فِيهَا الْوَاضِحَاتُ وَالْمُشْكِلَاتُ، وَقَدْ

1 / 2